بقلم: عبد المنعم سعيد
ما نعرفه باسم الثورة الرقمية بدأ مع نهاية السبعينيات وأصبح لديها الآن قرابة خمسة وأربعين عاما من العمر. جوهرها الأرقام، وهى لا تزيد على عشرة من صفر إلى تسعة يمكن استخدامها كلغة بذاتها، تأخذ الإنسان بعيدا عن لغات الصرف والنحو وبديع أبيات الشعر. هى لغة جافة يقال عنها محايدة ولا تكذب لأنها نظرية فما هو معنى الواحد دون أن يكون معبرا عن تفاحة. لا أريد إثارة أحد لا من الشعراء ولا كتاب النثر، ولكن الأرقام أصبحت لغة للتعامل ولديك الرقم (٨٠٠) مثالا وهو الرقم السابق على رقم تليفون مؤسسات ووكالات، وعندما تستخدمه يكون مجانا. الدخول على هذا الرقم سرعان ما يأخذك إلى سباق الأرقام مع الزمن، فما تسمعه هو مجموعة من الاختيارات التى يأخذ منها كل اختيار رقما عن اللغة التى تريد التحدث بها على سبيل المثال، وبعدها يأتيك ما يعطيك تعريفات مختلفة للمشكلات التى تتخصص فيها الهيئة لكل منها رقم أيضا؛ وما إن تنزل إلى هذا المنحنى فلن تستطيع المرور منه لأنك عند لحظة معينة سوف تفقد تسجيل أى من الأرقام التى تأتى إليك ولا تعرف ما إذا كانت لها علاقة بقضيتك أم لا. إذا طال الصمود سوف يأتيك من يقول، وذلك ليس كثيرا، عما إذا كنت تريد أن تتحدث مع شخص بشر؟.
هنا يصبح على الإنسان أن يؤهل نفسه لسماع الكثير من الموسيقى الدالة على أن كل ما فى الأمر أنك دخلت على شركة أو مؤسسة لديها الكثير من الزبائن أو المعجبين؛ وإذا كان صبرك طويلا فسوف يأتيك شخص ما لكنه على الأغلب يكون هنديا. وعندها سوف تأتيك أسئلة مثل رقمك القومى فإذا نجحت فسوف تكون بطلا لأنك بعد ذلك سوف تكتشف أنه سوف يستحيل عرض قضيتك لأنك ببساطة نسيتها، وساعتها لن يجد الرجل بدا من إغلاق الخط فى وجهك لأنه لم يعد فى الوقت متسع.