بقلم: عبد المنعم سعيد
فى التاريخ المصرى كانت وسائل الاتصال جزءا من النضال الوطني. وكان جزءا من فشل ثورة عرابى 1881 عندما انتهت «هوجة»، وخروجا على الخلافة، وتمردا على الخديو، مما فكك النخبة الملتفة حوله فى البداية، وخلقت حلفا من العداء فى الخارج، ومن بات قلقا على التماسك السياسى والاجتماعى فى الداخل. صحيح أن أقلاما شريفة فى الغرب ناصرته، ولكنها كانت غير كافية. وفى النضال الوطنى الذى قاد إلى ثورة 1919 لعب مصطفى كامل وصحيفة «اللواء» دورا فى تعبئة الشعب وراء قيادات الحزب الوطني؛ وفيما بعد كانت الوحدة الوطنية تضم المثقفين الذين ناصروا الثورة ووقفوا وراء سعد زغلول ورفاقه وخلقوا لها صيتا فى ربوع مصر وخارجها حتى وصل إلى الهند. واستخدمت ثورة يوليو 1952 أدوات اتصالية من صحف وإذاعة وتليفزيون من أجل خدمة أهداف الثورة بلغت ذروة تأثيرها فى أثناء العدوان الثلاثى على مصر عام 1956؛ ولكن كانت لها آثار عكسية منذ هزيمة يونيو 1967 حيث كان لتراجع مكانة مصر بين الأمم تراجع آخر فى قدراتها الاتصالية قطعها لفترة جهود الرئيس أنور السادات الشخصية من أجل السلام فى المنطقة.
المرحلة الراهنة من النضال الوطنى من أجل البناء والتقدم التى بدأت مع ثورة يونيو 2013، رغم ما حققته من أمن واستقرار، والإنجازات الملموسة على الأرض، والقائمة على قرارات صعبة عجزت القيادات السابقة عن اتخاذها؛ فإنها شهدت قصورا فى الاتصال خاصة مع الخارج، أما الداخل فكان أفضل حالا بفعل الاتصال المباشر بين الرئيس عبد الفتاح السيسى والجماهير عبر قنوات مختلفة، أدت إلى تحقيق الصمود فى مواجهة مصاعب عملية البناء. ومع ذلك فإن الداخل شهد الكثير من أنواع القصور التى أفسحت مساحة واسعة لأدوات الاتصال المعادية سواء تلك المرتكزة على جماعات الإخوان المسلمين فى الداخل والخارج، أو الجماعات الحقوقية المصرية أو الأجنبية. كلاهما يرى فى الاتصال أداة رئيسية فى تحقيق الفوز على مصر نظاما وشعبا.