بقلم - عبد المنعم سعيد
كانت نية الكاتب فى أعمدته هذا الأسبوع أن تكون مخصصة للتقدم فى بلادنا، ولكن لم يكن ممكنا تجاهل متابعة ما جرى قبل أسبوع فى ساحة القتال الرئيسية فى غزة، وما تبعها من جبهات مسنا الألم بسببها وتم إدخالنا مدار حرب لم نشارك فيها. دخلت حدودنا مدار التهديد بسبب محاولات إسرائيل دفع الفلسطينيين فى اتجاه التهجير القسرى، وسقط على إحدى مدن خليج العقبة ما قد يكون صواريخ لا نعلم إذا كانت لتذكيرنا بأن «الحوثيين» باتوا قوة عظمى؛ أو أنهم لم يتدربوا بما فيه الكفاية على التفرقة ما بين إيلات وغيرها. وأصاب قناة السويس ما أصابها قامت مصر بما تقوم به دائما أن تسعى إلى تقديم الإغاثة والإعمار للشعب الفلسطينى، وأن توفر جسرا كبيرا من الخبرة إن لم يكن لتحقيق السلام فإنه يكون للتمهيد له بهدنة. الثابت من تاريخنا أنه سوف يكون صعبا للغاية أن نحقق التقدم دونما استقرار إقليمى يكون الهدف فيه الاستقرار ومنع الحرب فى منطقة عانتها خلال العقود السابقة كثيرا.
والثابت أن الدول لا تتقدم ما لم تنجح فى تحقيق عدد من الشروط الأولية، فلا يصبح بلد متقدما ما لم يضع نهاية تامة للأمية، ويكون التعليم الذى يقدمه ينتهى بخريجين من المحاسبين والأطباء والمهندسين والمدرسين لا يختلفون من حيث النوعية عن زملائهم فى الدول المتقدمة. ولا توجد دولة متقدمة إلا كان نظامها الاقتصادى رأسماليا وقائما على السوق المفتوحة؛ وخلال القرن العشرين عرف العالم محاولات شتى، بعضها كان اشتراكيا وبعضها كان إسلاميا، وبعضها حاول اختراع طريق ثالث يجمع بين حسنات كل الأنظمة، فكانت النتيجة أن النظام المستحدث جمع سوءاتها جميعا. وإذا كانت الرأسمالية هى التعبير عن المنافسة الاقتصادية فإنها لا تصح فى النهاية إلا بعد العبور بالمنافسة السياسية التى تنجح فى استيعاب المجتمع داخل مشروع وطنى ناهض.