بقلم: عبد المنعم سعيد
الجيل الذى ذهب يطالب الرئيس الخالد بالبقاء لم يكن جيلا خاضعا ولا خانعا، معظمه من نتاج التعليم المجانى عندما كانت المجانية لا تعنى تخفيض نوعية التعليم لكى تلائم الموازنة العامة. كان العالم يتغير، وكان عدد من يعرفون القراءة قد زاد، ولم تعد الصحف وحدها هى مصدر النبأ وإنما مضاف لها الإذاعة والتليفزيون ينقل ما يجرى فى كوكب فسيح. من كان فى هذا الجيل داخل القوات المسلحة بقى فيها السنوات الست التالية وكان هو الذى استقبلنا عندما أتى الدور لكى نتعلم منه ليس فقط فنون القتال وإنما أكثر من ذلك الحقيقة المصرية. لا توجد مدرسة فى مصر يطلع فيها المصرى على مصريته قدر ما تقدمه القوات المسلحة. وقتها لم تكن الرءوس تتساوى فقط، وإنما كانت فيها إدراك البراح المصرى فى المكان، والتعدد الكبير فى الزمن الذى يقدم خبرات متنوعة. بعضا منا جاء من تجربة السد العالى وكان التفكير، والنقد ربما، عما سوف يلى السد من مشروعات كان أشهرها منخفض القطارة.
لم تكن الحياة سهلة حيث يوجد التدريب والمناورات والاستعداد، كانت برودة الليل قاسية فى خدمات الحراسة ساعة الفجر، وكان الحر قائظا وقت السير والحركة من مكان إلى آخر. كان خريجو الجامعات منا لا يشعرون رغم قسوة كبح أحلام ما بعد التخرج إلا بجلال المهمة التى رغم كل ما تكشف عنها لم يمنع من رسالة تخرج فى مظاهرات ذهبت إلى ميدان التحرير أيضا تطالب بالحرب فى وقت كان فيه شباب العالم يطالب بالحب وليس الحرب فى إشارة إلى حرب فيتنام التى لفظ فيها الجيل الأمريكى العظيم آخر أنفاسه. بالنسبة لنا لم يكن الحال كذلك، ولحسن الحظ أن العدو لم يعرف عن وجودنا الكثير، ولا ما يشكله من فارق. ومعه اعتبر معركة رأس العش والمدمرة إيلات وميناء إيلات وحرب الاستنزاف لا تزيد على حشرجة أنفاس أخيرة.