بقلم - عبد المنعم سعيد
ذكرنا من قبل أن واحدة من سمات التقدم هى معدلات النمو الاقتصادى المتسارعة للناتج المحلى الإجمالي، وقد لوحظ أن الدول التى فعلتها زاد معدل نموها إلى ما هو فوق ٧٪ سنويا. وكانت الصين مثالا، حيث حققت خلال عقود ما بلغ ٩٪، وفى سنوات وصلت إلى ١٣٪ ووقتها حلت بالاقتصاد «سخونة» بسبب عبء النمو الثقيل على الطاقة والبنية الأساسية. ولكن هناك سمات أخرى تتعلق بالتنمية، وهناك فارق ما بين التنمية والنمو، وهنا فإن الثابت أن الدول لا تتقدم ما لم تنجح فى تحقيق عدد من الشروط الأولية، فلا يصبح بلدا متقدما ما لم يضع نهاية تامة للأمية، ويكون التعليم الذى يقدمه ينتهى بخريجين من المحاسبين والأطباء والمهندسين والمدرسين لا يختلفون من حيث النوعية عن زملائهم فى الدول المتقدمة. ولا توجد دولة متقدمة إلا وكان نظامها الاقتصادى رأسماليا، وخلال القرن العشرين عرف العالم محاولات بعضها كان اشتراكيا وبعضها كان إسلاميا، وبعضها حاول اختراع طريق ثالث يجمع بين حسنات كل الأنظمة، فكانت النتيجة هى أن النظام المستحدث جمع سوءات كل الأنظمة.
وإذا كانت الرأسمالية هى التعبير عن المنافسة الاقتصادية، فإن الشائع هو أن التقدم لا يصح فى النهاية إلا بعد العبور بالمنافسة السياسية، أى الديمقراطية، وهنا يكون الاستشهاد بتجارب أوروبا الشرقية ومن قبلها إسبانيا والبرتغال واليونان وتشيلى وكوريا الجنوبية والمكسيك، ولكن الملاحظ فى هذه الدول أنها لم تقترب من العملية الديمقراطية إلا بعد أن نجحت فى تحقيق المشاركة للأجيال الشابة والنساء والطوائف الإثنية والجهوية المختلفة فى عملية بناء وطنية قائمة على بنية أساسية متجددة وبنية فكرية جديدة. وفى العموم، فإن التقدم يؤدى فى كل الدول التى سارت فيه إلى تقليل نسبة الفقر فى المجتمع، وفى التجربة الفيتنامية تراجعت نسبة الفقراء فى الدولة وإن كانت المسافة بين الطبقات قد اتسعت، حيث يستطيع الأكثر حظا وعلما ومهارة أن يحصل على نصيب أكبر من الثروة!