بقلم: عبد المنعم سعيد
حرب غزة الخامسة فجرت المناظرة الكبرى عما إذا كان طريق السلام ممكنا لاسترداد الحقوق الفلسطينية والعربية، أو أنه لا يوجد طريق سوى الحرب قامت بها الدولة، أو بالوكالة عنها منظمة ممانعة. بات السلام عاجزا فبعد أن سلكنا طريقه لم تتحرر فلسطين، ولا تزال إسرائيل تمعن فى القتل والاضطهاد والاستيطان. أصحاب النظرة هذه أسقطت من قراءتها للواقع أن سيناء تحررت كاملة غير منقوصة، واستعادت الأردن أراضيها المحتلة كاملة غير ناقصة، وحتى سوريا حصلت على مساحة تشمل القنيطرة كانت نتيجة مفاوضات فض الاشتباك الثاني، وحتى لا ننسى استخدام العرب لسلاح النفط الذى كان وقفه رهينة التوصل إلى اتفاق مع سوريا. وحتى بالنسبة لفلسطين فإنه لأول مرة فى التاريخ حصل الفلسطينيون على أول سلطة وطنية فى الضفة الغربية وغزة تقام على أرض فلسطين.
اليائسون من طريق السلام سوف يؤكدون أن ما حدث لم يكن ممكنا دون حرب أكتوبر، ولا حصل الفلسطينيون على سلطتهم دونما نشوب الانتفاضة الأولى؛ ولكن مع إسقاط أن تحرير سيناء لم يكن ممكنا دون مبادرات الرئيس السادات لفتح قناة السويس، وإقامة الجسور مع الغرب، ثم الذهاب الشجاع إلى القدس. وحتى بالنسبة لاتفاقيات أوسلو فإنها لم تكن ممكنة بدون سلمية الانتفاضة الأولى، والاستعداد للذهاب إلى مدريد ضمن وفد أردني، والتفاوض مع الإسرائيليين فى أوسلو. فى كل هذه الحالات كان السلاح مرتبطا بالسياسة وإقامة العلاقات والتحالفات، والدبلوماسية التى تحقق المصالح من خلال إزالة المعوقات، والإعلام حيث الانتقال من أجواء حنجرية زاعقة إلى لهجات هادئة وناعمة تبحث فى السياسات الداخلية الإسرائيلية عما يجعلها أكثر قربا من السلام. فى كل هذه الإنجازات كان السلاح منسوجا مع السياسة، وكلاهما صادر من سلطة واحدة قادرة على اتخاذ القرار، وهو الذى للأسف لم يعد قائما بين الفلسطينيين بعد وفاة الرئيس عرفات وزوال حقيقة أن منظمة التحرير الفلسطينية هى الممثل الشرعى والوحيد للشعب الفلسطيني.