بقلم - عبد المنعم سعيد
ربط المصريون شهر رمضان بالكرم وإذا ما التقى المصرى بالآخر فإنه يحاول تذكيره بذلك حين يقول «رمضان كريم» ويكون الرد بقدر القول «الله أكرم». المقصود بالطبع هو مضاعفة الإحساس بغير القادرين وغمرهم بالإحسان المادى والمعنوى والأخلاقى بالتأكيد؛ ولكن العصر الحالى سرعان ما يغمرنا بحقائق موجعة. ولن يمر وقت طويل من الشهر الكريم حتى تتوالى علينا إحصائيات قوامها أن استهلاك الطعام والشراب فى الشهر الفضيل ثلاثة أمثال الشهور الأخرى، ومعها يكون استهلاك الكهرباء والطاقة فى عمومها. بينما كتب على المصريين قبول التضحية بالكهرباء لساعات فى الشهور الأخرى، فإن الشهر الكريم ظفر بالاستثناء الاستهلاكي. الأسرة المصرية تقع عليها الضغوط الكبيرة لاستهلاك أطنان من الحلوى التى لم تخل من الإبداع على مر السنين. كانت «الكنافة» تجرى صناعتها فى المنزل ومعها القطائف، غيرها من مأكولات الشهر، إلا أن ثورة حدثت خلال الأعوام الأخيرة فى صناعات الحلوى حتى امتزجت بالكثير من الفواكه والكريمة حتى وصلت إلى أشكال الشوكولاته العالمية.
لا أحد يعلم على وجه التحديد كيف حال ساعات الراحة فى الشهر الذى يكون فيه الثواب آتيا من معاناة الامتناع عن الطعام والشراب مع بقاء العمل والنشاط كما هو أو حتى يكون مضاعفا لاستكمال الحكمة من فضيلة الصيام. ولكن الحادث ليس ما هو مفترض، فنوم الظهيرة والكسل الإنتاجى فى الدوائر الحكومية تحول الطاقة كلها، السهر ممتد بين الإفطار والسحور ومنه حتى صلاة الفجر لامتصاص قدر هائل من المسلسلات والفوازير وولائم الزيارات العائلية. هذه المفارقة ما بين واقعها المفرط والخيال المقتر فيها تطرح كل عام على أصعدة رسمية وإعلامية متكررة تكرار الشهر الكريم وتقال كما لو كانت تقليدا سنويا هى الأخرى وفيها الكثير من الوعظ والإرشاد للإنسان المسلم عله يتعظ ويتقى ويقسط. وللحق فإن بعضا من هذا يحدث فى دول أخرى إبان إجازات أعياد الكريسماس ولكنه لا يصل إلى مثل هذه الدرجة من الكرم.