إشكاليات الانتخابات الأمريكية

إشكاليات الانتخابات الأمريكية

إشكاليات الانتخابات الأمريكية

 عمان اليوم -

إشكاليات الانتخابات الأمريكية

بقلم: عبد المنعم سعيد

اقتربت مواعيد الانتخابات الموسمية الأمريكية التى تشمل الرئاسية وأعضاء مجلس النواب وثلث أعضاء مجلس الشيوخ وحكام الولايات. ورغم أنها تحسم فى يوم الثلاثاء الأول من شهر نوفمبر، وهو الخامس منه هذه المرة، فإن المواعيد تخص التصويت بالبريد، وتخص المصوتين من الخارج، وبعد ذلك الذين يذهبون إلى الصندوق مباشرة ويصوتون بأنفسهم.

الولايات تختلف فى تنظيم العملية الانتخابية، ومنهم يطلب شهادة أو هوية ثبوتية لإتاحة التصويت، وفى ولايات أخرى ليس هذا ضروريا. ومنذ بدأت متابعة الانتخابات الأمريكية أى قبل خمسة وستين عاما تقريبا إبان انتخاب الرئيس جون كيندى؛ ومع دراسة التاريخ الأمريكى فإن الدولة الأمريكية عرفت عددا من الإشكاليات التى تكاد أن تكون دائمة منذ ميلادها.

ولعل أكثرها عمقا قضية «العبودية» التى بدأت منذ نشأة الدولة وانتخاباتها الأولية ومعها وضع الدستور الكونفدرالى ثم الفيدرالى وحتى الحرب الأهلية (1860 -1865) وما بعدها. السؤال الذى كان على المؤسسين الإجابة عنه هو عما إذا كان العبد ينطبق عليه قواعد وقوانين العمل باعتباره عاملا يساهم فى العملية الإنتاجية؛ أو أنه من هذه المخلوقات التى يستعين بها الإنسان مثل الحصان والبغل والجاموس. أغلبية المؤسسين الأوائل كانوا من ملاك العبيد، وكان الجنوبيون منهم ينتمون للتقدير الثانى، أما الشماليون فرغم أن «جون آدمز» الرئيس الثانى كان يؤمن بأنهم من بنى البشر ويجب معاملتهم بنفس طريقة التعامل مع الأخوة الإنسانية، فإن آخرين من بينهم الرئيس الثالث توماس جيفرسون «الليبرالى» على سبيل المثال لم يكن مقدرا لهذه المساواة.

القضية ظلت مستحكمة، والنخبة السياسية عاجزة عن حلها، واستعصت عندما بدأت ولايات جديدة فى التشكيل وكان منها من يريد العبيد بالمعنى الأول فيما ولايات أخرى أخذت بتعريفات أخرى. كانت الإشكالية فى كل الأحوال تتعلق بالضرائب سواء على مستوى الولايات أو المستوى الفيدرالى؛ وعما إذا كان العبد ملكية ومن ثم تفرض عليه ضريبة مثل العقارات أو المبيعات، أو أنه إنسان ومن ثم لا تفرض عليه ضرائب باعتباره إنسانا ليس عليه حق رقبة.

العبودية أخذت إشكالياتها أشكالا متعددة، وبعد الحرب الأهلية وعتق العبيد، وحتى إعطائهم حقوق الترشح والتصويت والعضوية فى المؤسسات التشريعية، فإن قوانين «جيم كرو» القائمة على مبدأ «متساوون ولكن مختلفون» فسرتها الولايات بأشكال مختلفة فقد كانت هناك أسباب دائمة للاستبعاد على أساس الاختلاف خاصة مع التمايز الطبقى وانتماء العبيد للطبقات الفقيرة حيث لا قدرة تعليمية؛ وبالطبع لا قدرة على دفع تكلفة العملية الانتخابية.

بالطبع تغيرت الأوضاع خاصة مع القوانين المدنية خلال الستينيات من القرن الماضى، وفى القرن الحالى تم انتخاب أول رئيس أسود باراك أوباما؛ وفى الوقت الحالى فإن الليبرالية الأمريكية سوف تختبر فى الانتخابات حيث أحد المرشحين سيدة وسمراء لأصول إفريقية وهندية وهى كامالا هاريس. ولكن فكرة «الأبيض» فى مواجهة «الملون» تظل قائمة فى الولايات الحمراء حيث يكثر الجمهوريون خاصة فى طبعتهم الجديدة متجسدة فى المرشح الآخر دونالد ترامب.

الإشكالية الرئيسية الأخرى لدى الولايات المتحدة والتى تحتدم ساعة الانتخابات الرئاسية هى علاقة الولايات المتحدة مع العالم وهل لها رسالة عالمية فيه تنبع من جوهرها القائم على الهجرات الكبرى والمستمرة والتى كانت فى البداية من الأوروبيين البيض، والآن فإن موجاتها تأتى من الجنوب. فى البداية كانت الإشكالية تقوم على التمايز ما بين البيض البروتستانت والكاثوليك؛ ولكن مع القرن العشرين باتت أقليات مثل الإيطاليين والإيرلنديين ينظر لها من عل، باعتبار الأولى من العصابات والثانية من السكارى.

اليوم فإن المسألة تأخذ شكلا آخر منذ اعتبر الرئيس الخامس «جيمس مونرو» أن العالم الغربى عرف القارتين الأمريكيتين الشمالية والجنوبية، وأنه يوجد لدى الولايات المتحدة حق إلهى فى النفاذ لكلتيهما، فإن فكرة الخروج إلى العالم ونشر الفكرة «الأمريكية» أصبحت مسيرة انتخابيا على من يريد أن يجعل أمريكا «أولا»، أو أنه بحكم الأخلاق الأمريكية فإن العالم كله ملكها. بعد الحرب العالمية الأولى وجد الرئيس «وودرو ويلسون» أنه بات من حقوق الولايات المتحدة قيادة العالم؛ وعندما انتهت رئاسته لم تكن أمريكا مستعدة لكى تدخل عصبة الأمم التى شعوبها بعيدة ومتخلفة.

قامت سياسات العزلة الأمريكية، ولكن نشوب الحرب الثانية دفع أمريكا دفعا نحو «العولمة» مع نهاية القرن العشرين. المدهش أنه مع اقتراب نهاية الربع الأول من القرن الواحد والعشرين فإن دونالد ترامب يرى فى العالم خطرا على أمريكا ويريد غزوها، ويخطف صناعاتها، ويسرق ابتكاراتها وتفوقها التكنولوجى ولا مفر من فرض الرسوم والجمارك على ما سوف يأتى من العالم.

 

omantoday

GMT 17:25 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 17:24 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 17:23 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 17:21 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان... في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 17:20 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة مُغَيّبة والتدوير باقِ!

GMT 17:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 17:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 17:14 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان أمام المجهول

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إشكاليات الانتخابات الأمريكية إشكاليات الانتخابات الأمريكية



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 16:46 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29
 عمان اليوم - غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 20:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 10:16 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

حاذر ارتكاب الأخطاء والوقوع ضحيّة بعض المغرضين

GMT 23:59 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab