بقلم: عبد المنعم سعيد
قبل أسابيع أعلنت وزارة التربية والتعليم بفرح طاغ نتيجة الثانوية العامة، ولم يكن ذلك فقط إعلانا عن الفرج الذى يأتى مع أخطر الاختبارات التى تتعرض لها الأسرة والدولة المصرية، وإنما لأنه وللعام الثالث على التوالى لم يحصل أحد على نتيجة ١٠٠%. صحيح أن الأولى فى الامتحان حصلت على ٩٩٫٨%، لكن العلامة الكاملة لم تحدث. وفى الحقيقة فإن ما حدث كان أكبر من غياب العلامة الكاملة، فقد جرت العادة قبل ذلك على أنه كان ممكنا للعبقرية المصرية الحصول على ١٠٥%، بعد أن يقوم الطالب أو الطالبة المفرطان فى النبوغ بتجميع نتائج دراسات تكميلية وتفوق رياضى تكفى لتجاوز كل القدرات العالمية والمنطقية فى هذا الشأن. ولكن ما كان لم يكن ليضعنا فى مكانة علمية مرموقة وإنما فى مكانة المتخلفين فى الدنيا، حيث العبقرى الذى يحصل على مثل هذه النتيجة. أعجبنى أن هناك لهذه الحقيقة نهاية، فحينما أعلنت النتيجة جاء معها أنه لم يعد لهذا السخف مكان فى جمهوريتنا الجديدة.
وللحق أنه وبعد هذا الإعلان ما زلنا بعيدين عن هذه النقطة لأننا ما زلنا واقعين بعيدا عن مكانة الدولة الطبيعية فى مجال التعليم. الدولة الطبيعية لا يحدث فيها هذا الفرح؛ ولا يأتى بعده وضع الأيدى على القلوب بحثا عن الكلية والجامعة التى سوف يحصل عليها الطالب، وتنصب المزايدة على النسب العليا والصغرى، وجامعات القمة والأخرى التى فى السفح. الصيرورة الحادثة فى الدول الطبيعية ترى أولا أن هناك استمرارية فى كسب المعرفة أينما ذهب الطالب لأنه لا أحد يتوقف عن الدراسة. وثانيا أن هناك وقفة من حق خريج المرحلة الثانوية أن يقف عندها: نوع المستقبل الذى يريده ويبحث هو ذاته عن الجامعة والتخصص الملائم لتوجهاته. وثالثا أنه لا مجال هنا لمكتب التنسيق والكمبيوتر الذى سيقوم بالملاءمة بين المقاعد والجامعات، وإنما المواءمة بين المواهب والدراسة التالية. “الجمهورية الجديدة» تطلب تعليما آخر.