بقلم: عبد المنعم سعيد
بدأ القرن الحادى والعشرون مثيرا بقيام حزمة من الإرهابيين بضرب مركز التجارة العالمى فى نيويورك، بالإضافة إلى أهداف فى قلب الدولة الأمريكية من بينها وزارة الدفاع فى واشنطن. بوش الابن كتب مصير إدارته بالحرب فى أفغانستان ولم تكن كافية فخاض حربا أخرى فى العراق، وفى كليهما لم ينتصر وهو الذى رأى مع رفاقه أن القرن الجديد سوف يكون قرنا أمريكيا. انتقل الأمريكيون بعد ذلك إلى الاتجاه المضاد عندما جرى اختيار باراك أوباما الذى أراد الانكماش للوجود الأمريكى فى العالم؛ وعندما وصلت عولمتها إلى أركان الكوكب ودخلت الديار الأمريكية فإن الشعب اختار دونالد ترامب من أنصار القومية البيضاء. وعلى مدى عقد بات الرجل مركزا للسياسة الأمريكية حتى عندما خسر الانتخابات فى مواجهة بايدن فإنه أبقى وجوده من خلال إنكاره نتيجة التصويت، وتشجيعه لأنصاره للهجوم على الكونجرس. قصة ترامب والترامبية صارت هى مركز السياسة الأمريكية التى انشغلت فى الخارج بخلق انقسام الديمقراطية فى مواجهة السلطوية، وحشد الجهود من أجل انتصار أوكرانيا على روسيا، والحصول على علاقات طيبة مع الصين رغم الإصرار على أنها المنافس الرئيسى للولايات المتحدة فى قيادة العالم.
مركز الإثارة فى الانتخابات الأمريكية للفترة الرئاسية المقبلة سوف يكون محاكمة الرئيس السابق ترامب الذى وجهت له ٣٧ تهمة أنكرها جميعا، ومع ذلك فإن توجيه الادعاء بشأنها حقق انقساما داخل الحزب الجمهورى بين أغلبية تقف إلى جانب ترامب، وأقلية تريد دخول الانتخابات على جثته. الانقسام الأكبر بات مع الحزب الديمقراطى الذى يجذبه جناح تقدمى إلى اليسار، بينما تظهر علامات ثمانين عاما على وجه ولسان الرئيس بايدن. الرئيس السابق لديه حزم من المحاكمات المنتظرة بعضها يخص نساء، والآخر صناديق الوثائق الرئاسية التى حملها معه بعد الخروج من البيت الأبيض، والثالث مشاركته بالفعل والقول فى عملية الهجوم على الكونجرس. المحاكمات المثيرة سوف تضع أمريكا أمام اختبارات دستورية وسياسية سوف تكون لافتة للنظر عالميا.