بقلم: عبد المنعم سعيد
لم أكن على معرفة بالرقيب محمد صادق خريج كلية العلوم بجامعة القاهرة، شخصيته صامتة فيها الإيمان والصفاء الروحي بدرجة من الصوفية. كان أحد الموجهين في الكتيبة، والموجه أشبه بالطيار الذي لا يقود العربة المدرعة فقط وإنما يقوم بتوجيه صواريخها إلي القطع المدرعة للعدو من خلال سلك رفيع يبلغ مداه ثلاثة كيلومترات. هؤلاء تم تدريبهم من خلال أجهزة تشبه ألعاب الأطفال هذه الأيام والتي يكون فيها عصا التوجيه التي تعرف كيف تصيب الخصم. وعندما انتهت الحرب كانت الكتيبة قد حققت ٥٤ إصابة منها ٤٠ دبابة و١٤ عربة مدرعة، وكان نصيب الرقيب ٢٠ وحدة مدرعة. تحديد الهدف من قبل الاستطلاع وقيادة الكتيبة عملية بالغة الدقة لأن الزمن المسموح به فيما أذكر كان ثلاثين ثانية. الساعات الطويلة من التدريب تعطي الكثير من الحساسية للزمن والمسافة. وفي ٢١ أكتوبر بات أمامنا مهمة الدفاع عن قيادة الفرقة ١٨ مشاة ميكانيكي بقيادة اللواء طلعت مسلم الذي أصبح فيما بعد رئيسا للوحدة العسكرية في مركز الأهرام للدراسات.
تقلصت الكتيبة خلال الأيام السابقة إلي ثلاث وحدات، واحدة منها معوقة، ولكنها كانت فاعلة، وذهب عدد من الموجهين إلى الضفة الغربية لتسلم عربات جديدة. في ذلك اليوم الأغر كانت إسرائيل قد عزمت حصار الجيش الثاني ومدينة الإسماعيلية ومنها إلى بورسعيد. وعندما جرى الهجوم أسهم موجهونا الذين انضموا إلي القوات المصرية في الغرب في صد الهجوم؛ أوفي الشرق فإن قوة كتيبة دبابات هاجمت في اتجاه قيادة الفرقة ١٨. اشتبكت وحداتنا مع الكتيبة وبعد تدمير ١٥ دبابة شرعت في الانسحاب، وكان نصيب محمد صادق من الإصابات ٧ فعلها ربما لأول مرة في التاريخ العسكري بسبعة صواريخ. حصل صاحبنا علي نجمة سيناء بعد الحرب، وحصل آخرون من الكتيبة على أنواط أخرى. وبعد المعركة جري استدعاء قائد الكتيبة إلي معسكر الجلاء بالإسماعيلية لمقابلة قائد الجيش الثاني، وذهبت معه.