بقلم: عبد المنعم سعيد
كل تقدم فى بلد عربى شقيق يثلج الصدر سواء كان ماديا مسببا التقدم العمرانى والزراعى والصناعى والتكنولوجى، أو معنويا يعتنى بالنفس والروح البشرية. كان ذلك ما شعرت به عندما قرأت عن مشروع أوبرا الدرعية بالمملكة العربية السعودية، فقد كان ذلك مفاجأة تنضم لمفاجآت التنمية التى تجمعت خلال السنوات الثمانى الأخيرة، ونقلت المملكة من دولة محافظة وتقليدية ومفرطة فى كليهما إلى دولة تتقدم على جميع الجبهات ولا تبخل بكل ما يرقى بالإنسان. والحقيقة أننى لا أدعى خبرة بالأوبرا، وحتى عام ٢٠٠٤ كانت الأوبرات محرمة على عالمى الموسيقى والفني، حيث بدت منتمية إلى عالم آخر بالغ التعقيد فى الموسيقى والغناء وطقوس الملبس وعالم الثقافة والمعرفة. كان ذلك هو الحال حتى قيض لي الله الصديق محمود عبدالله، الرئيس السابق لمجلس إدارة الشركة المصرية للتأمين عضو مجلس إدارة أوبرا «المتروبوليتان» فى نيويورك، الذى هبط على مكتبى بمؤسسة بروكينجز الأمريكية مصمما على الذهاب فى ضيافته إلى برينستون فى ولاية نيوجيرسي.
محمود يعتقد أن ثقافة الإنسان وعقله ومشاعره لا تكتمل ما لم يكن من محبى الأوبرا، وهكذا أخذ بيدى إلى فهم ما لا أفهم، وأعرف ما ليس لى به علم. أصبح تقليدا أن نذهب من بلدته إلى نيويورك، وفى الطريق يحكى قصة الأوبرا التى سنشاهدها، ثم ينتقل إلى المقطوعات والجمل الموسيقية التى تعبر عن الحقيقة الإنسانية فى فجورها وتقواها. الأوبرا ليست المسرح ولا السينما، وإنما هى مركب من الفنون التى تركز على العقد والألغاز الإنسانية الكبرى التى تواكب الإنسان فى كل العصور. المخزون فيها تاريخى مثل أوبرا «عايدة» عن معادلة الحب فى حياة أميرة، وغيرها عن علاقة الدين والدولة فى قلب العصور الوسطى، حيث اشتدت سلطة الكنيسة. بعد فترة باتت أوبرا المتروبوليتان تعرض فى قاعات أوبرالية فى العديد من المدن المصرية، وعرفت أن دمنهور بها أوبرا منذ عام ١٩٣٣.