بقلم - عبد المنعم سعيد
عرفت مروان البرغوثى أحد قادة تنظيم “فتح” قبل ربع قرن فى إطار التحالف الدولى من أجل السلام العربي- الإسرائيلى، وكان آخر لقاء فى رام الله بعد فترة من فشل مفاوضات كامب ديفيد الثانية، ووقتها قال لى إن أكبر الأخطاء الفلسطينية كان عدم استغلال مبادرة الرئيس السادات؛ وأنه ينوى القدوم إلى القاهرة للحصول على شهادة الدكتوراة. ولكن نشبت الانتفاضة الفلسطينية الثانية العسكرية، وكان نصيب مروان دخول السجن الذى ظل فيه قرابة العقدين. كان اعتقادى أن مروان البرغوثى سوف يكون واحدا من القيادات الفلسطينية التى سوف يكون لها شأن فى الحصول على الحقوق الفلسطينية المشروعة. ومع مرور الزمن صار “مانديلا الفلسطيني” وفى جميع استطلاعات الرأى العام تفوق من حيث التأييد الشعبى على ما هو أكثر من قادة حماس وفتح وغيرهما من الفصائل. قبل أيام أصدر من السجن بيانا مهما دعا فيه الضفة الغربية إلى إشعال الانتفاضة الثالثة، وأن تكون قوات الأمن الفلسطينية فى طليعة المقاتلين الذين هم كل فلسطينى قادر على القتال.
باختصار فإن تصور مروان البرغوثى هو ثورة شعبية شاملة غزة والضفة الغربية معا تطالب بدولة فلسطينية وطنية مستقلة ولا تتوقف فقط على تنظيم حماس الذى بات هدفا لإسرائيل ومن ورائها الدول الغربية. فى عدد من المقالات السابقة طالبت الدول العربية بأن تسعى إلى الإفراج عن الرجل لكى تقوى القدم الفلسطينية فى حل الدولتين. وبعد أكثر من عشرين عاما من السجن يصعب معرفة ما آل إليه المناضل الفلسطينى، ولكن “مانديلا” الجنوب الإفريقى بعد ٢٧ عاما من السجن بات قادرا على وضع نسيج لدولة غير عنصرية. وهذه المرة فإن القضاء على العنصرية هو جوهر العلاقة بين إسرائيل والفلسطينيين داخلها، وبينها وبين قطاع غزة والضفة الغربية. وإذا كان السنوار قضى أكثر من عشرين عاما فى التفكير فى الهجوم على غلاف غزة، فهل يكون البرغوثى قد فكر فى كيفية إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة؟