بقلم - عبد المنعم سعيد
كل الحروب عُرفت بأطرافها وقضاياها وزمنها وتكنولوجيات الحرب؛ وعندما يؤرخ لحرب غزة الخامسة فإنها سوف تعرف بالدرونز Drones أو المسيرات والأنفاق. حرب أوكرانيا التى تواكبت فى الزمن مع حرب غزة عرفت المسيرات وبكثافة؛ وقبلها جرى استخدام المسيرات من قبل الحوثيين فى حرب اليمن الأهلية و اعتداء الحوثيين على دول الجوار. ولكن الأنفاق كانت أمرا آخر حيث كان لها وجود فى حرب فيتنام ومن المعلوم أنه فى ٣٠ يناير ١٩٦٨ أطلقت قوات "الفيت كونج" لفيتنام الشمالية هجوما مباغتا عرف بهجوم "تيت" على الجنوب شكل منعطفا فى حرب فيتنام حيث خرج الآلاف من الفيتناميين من الأنفاق لكى يقوموا بمفاجأة استراتيجية. الدول الشيوعية المحاصرة مثل كوريا الشمالية تعتمد الأنفاق وسيلة دفاعية أكثر شمولا من التحضير لعمليات هجومية. كل الحروب التالية بنت على سابقتها وفى حرب غزة فإن "الدرونز" الإسرائيلية كانت من النوع الصغير مثل الذباب الذى يراقب ويترصد الأهداف المفاجئة ويمكن إطلاقه بأعداد كبيرة. أنفاق حماس تختلف نوعيا عن الأنفاق التى أعدت قبل ذلك فى كونها أكثر طولا ومتعددة الطبقات وشاملة لكل أشكال النشاط العسكرى بما فيها تصنيع السلاح أو تجميعه.
حرب أوكرانيا فيما نعلم لم تعرف الأنفاق المغطاة، وإنما عرفت الأنفاق المكشوفة ولكنها متتالية وقادرة على خلق خطوط دفاعية نجحت فيها روسيا فى وقف «الهجوم المضاد الأوكراني» وتكبيده خسائر كبيرة. ومن الغريب أن روسيا وأوكرانيا وكلتاهما دولتان صناعيتان لم تقوما بإنتاج "الدرونز" وإنما حصلت عليها روسيا من إيران؛ وحصلت أوكرانيا عليها من تركيا. ولكن إيران كانت المصدر لكثير من الأسلحة الشائعة بين التابعين لها من الحشد الشعبى إلى حزب الله والحوثيين؛ وذلك من أول الدرونز إلى الصواريخ المتعددة الأغراض. إسرائيل لديها عون كثيف من الدول الغربية ولكنها تنتج الدبابات والأسلحة المضادة للصواريخ. وحتى الآن فإنه ليس فى حرب أوكرانيا ولا حرب غزة تم استنزاف ما هو متاح من أسلحة وتكنولوجيات جديدة.