ترامب والشرق الأوسط

ترامب والشرق الأوسط

ترامب والشرق الأوسط

 عمان اليوم -

ترامب والشرق الأوسط

بقلم: عبد المنعم سعيد

الشائع هو أن التاريخ يعيد نفسه؛ والمقابل له أن التاريخ يأتى مرة مجيدا ومرة أخرى يكون مسخرة؛ وبين هذا وذاك تقع النظرة للعلاقة المقبلة ما بين الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب بالشرق الأوسط بدوله ومصائبه. سوف يكون من الخطأ التعامل مع ترامب كما جرى معه خلال فترة رئاسته الأولى (2017- 2021) ونتوقع منه ما كان، ويجرى ذلك علينا كما يجرى على دول المنطقة الأخرى: إيران وتركيا وإسرائيل. هناك حقائق جديدة جرت فى الولايات المتحدة، وأخرى جاءت فى الشرق الأوسط؛ وثالثة تثبت أن العالم لم يعد كما كان.

القضية ليست وجود متغيرات جديدة تبعث على الدهشة والعجب، ولكن أن التغيير دائما حادث، ومهمة المؤرخين البحث عن التراكمات الكمية والنوعية والطفرات التى تحدث وبعد ذلك نضع حالتها الحالية فى معمل القرار السياسى. جاء نجاح ترامب بالطريقة التى أتى بها كاسحا مكتسحا فى المجمع الانتخابى والأغلبية الشعبية وفوقهم أغلبية مجلس الشيوخ والأرجح بقاء الأغلبية فى مجلس النواب أيضا. هذه أغلبية مطلقة لم تتيسر لرئيس أمريكى منذ وقت بعيد؛ والمهم فيها أنها قامت على أكتاف الطبقة العاملة فى الولايات الصدئة الفاشلة فى دخول الثورة الصناعية الثالثة بينما تتخوف وترتعد من الثورة الرابعة والمتحالفة مع اللاتينيين والأقل علما وثروة من السود والنساء. فى نفس الوقت فإن «الأقلية» انكمشت إلى السواحل الغربية والشرقية محتضنة خريجى الجامعات وما هو أعلى من الدراسة والعلم والمنفتحة على الأقليات وقضايا العصر والمعرفة بالآخر حتى تظاهرت من أجل فلسطين!.

ما لا ينبغى أن يكون مدهشا أن الأقلية اليهودية الأمريكية لم تعط أصواتها للمرة الثانية للرئيس المنتخب؛ وبقيت على ولائها لحل الدولتين وتحفظاتها على قيادة نتنياهو لإسرائيل. الأقلية العربية الإسلامية أعطت أصواتها المتاحة فى ولاية واحدة متأرجحة إلى ترامب راضية مرضية بعربها ومسلميها!.

الشرق الأوسط تغير هو الآخر، فلا جدال أن هناك منظومة عربية جديدة قائمة على السلام والتنمية، على عكس ما كان عليه الحال فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى. هذه المرة فإن المنظومة العربية أو الائتلاف العربى Concert of Arabia يمتد إلى مجموعة من الدول العربية كلها تعيش ذات الحالة من الإصلاح الاقتصادى، ونفس الرغبة فى اللحاق بالعصر، ولديها الاستعداد للتعامل العادل والمتوازن مع الأقليات، حتى نصل إلى تحرير المرأة من أغلالها وإعطائها الفرصة للمشاركة فى بناء بلدها. ما سوف يقابله ترامب سوف يكون عالما عربيا أكثر حنكة مما كان عليه وأكثر قدرة أن يقدم له «صفقة» تقوم على حل الدولتين والاندماج الإسرائيلى فى المنطقة مقابل دولة فلسطينية مستقلة قوى وعفية تكون فيها السياسة والسلاح فى يد واحدة. الأمر الهام هنا هو أنه بين ترامب والسلطة السياسية شهران ونصف تقريبا حتى يصل إلى البيت الأبيض. فى هذه الفترة يمكن للائتلاف العربى أن يعلن عن رأيه فى تنظيم المنطقة بحيث تقوم على الدولة الوطنية ذات السلطة الواحدة التى تحتكر الاستخدام الشرعى للقوة المسلحة ولا يوجد فيها ولا ترحب بمولد المليشيات المسلحة التى تفرق ولا توحد.

هذه المنظومة الجديدة تجعل إعادة تشكيل الشرق الأوسط ليس مهمة أمريكية، وبالتأكيد فإنها ليست لا مهمة إيرانية أو إسرائيلية أو تركية؛ وإنما هى مهمة عربية تراعى المصالح القومية للدول القاطنة فى الإقليم بما فيها من تحقيق الاستقرار والتكامل الإقليمى لكل دولة. باختصار فإن الحرب الضروس الجارية الآن فى الشرق الأوسط والتى تفرعت من حرب غزة الدامية إلى لبنان وسوريا والعراق واليمن والبحر الأحمر لا يجب أن تنتظر العناية الأمريكية «الترامبية» التى تقرر مصير المنطقة سواء كان ذلك وفقا للسلام الاقتصادى؛ أو السلام المعلق بصورة دائمة انتظارًا لانتخابات أمريكية جديدة. بمعنى من المعانى فإن المطلوب الآن وليس غدا هو أن السلام الإقليمى وظيفة الإقليم وشعوبه؛ وإذا كان للولايات المتحدة أو غيرها من دول العالم دور فهو المساندة الدولية كما حدث فى جميع مراحل عمليات السلام الناجحة من قبل من أول السلام المصرى الإسرائيلى؛ والأردنى الإسرائيلى؛ وحتى ما كان من التأييد الفلسطينى الإسرائيلى وفقا لاتفاق أوسلو؛ والخاتمة مع الاتفاق الإبراهيمى. مثل ذلك قد يكون مدهشا للكثيرين بيننا الذين استمرؤوا الاعتماد الدائم على الآخر سواء كان بريطانيا العظمى أو الاتحاد السوفيتى أو أمريكا التى سوف تكون عظيمة مرة أخرى وفقا لوعد ترامب؛ ولكنه الواقع الذى تثبته التجربة العالمية فى أوروبا بعد الحرب العالمية، وآسيا بعد الحرب الفيتنامية؛ وكلاهما يصدق عليه المثل أنه ما حك جلدك إلا ظفرك!.

 

omantoday

GMT 17:25 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 17:24 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 17:23 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 17:21 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان... في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 17:20 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة مُغَيّبة والتدوير باقِ!

GMT 17:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 17:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 17:14 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان أمام المجهول

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترامب والشرق الأوسط ترامب والشرق الأوسط



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 16:46 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29
 عمان اليوم - غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 20:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 10:16 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

حاذر ارتكاب الأخطاء والوقوع ضحيّة بعض المغرضين

GMT 23:59 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab