بقلم - عبد المنعم سعيد
منذ النكبة الكبرى عام 1948 والأخرى الكبرى أيضا عام 1967 والثالثة الصغرى عام 2007 عاش الفلسطينيون تحت مظلة أربعة نظم سياسية: من صمدوا وعاشوا فى إسرائيل تحت مظلة عنصرية تقوم على التمييز فى كل شيء ما عدا القدرة السياسية على خوض الانتخابات والالتحاق بالكنيست الإسرائيلى, ومن خرجوا وهاجروا أو قاموا باللجوء إلى دول عربية مجاورة أو ذهبوا بعيدا فى بلاد الله الواسعة؛ ومن عاشوا فى الضفة الغربية تحت حكم السلطة الوطنية الفلسطينية؛ ومن بقوا فى غزة عقب انقلاب حماس على سلطة منظمة التحرير. الأولون الباقون بات حلمهم المساواة فى دولة غربية متقدمة، ومن خرجوا عاشوا حلم العودة إلى فلسطين أو اندماج أطفالهم فى دولة العيش؛ والتابعون للسلطة فى رام الله ظل حلمهم الاستقلال فى ظل دولة فلسطينية مستقلة؛ أما الواقعون تحت سلطة حماس فى غزة فإنهم فى انتظار دولة الخلافة مقاتلون أو ربما عمليا دولة صغيرة حماسستان فى القطاع المزدحم.
الواقع هو أنه بين نهر الأردن والبحر المتوسط توجد هيمنة وسيطرة إسرائيلية كاملة حيث توجد عملة الشيكل الإسرائيلى، ويخضع الجميع لقواعد السفر والرسوم والعمل الإسرائيلية، شكليا توجد دولة واحدة فى شكل سوق جامعة، مع خضوع كل ما سبق إلى أشكال مختلفة من التمييز الذى يصل إلى أنواع من الفصل العنصرى. وما بين الأحلام والواقع توجد تناقضات حادة تظهر فى المشاركة الفلسطينية فى الكنيست الإسرائيلى، وتنفجر ساعة الانتفاضة والحروب الصغيرة والكبيرة. حرب غزة الخامسة فتحت بابا لحل الدولتين الذى يقيم دولة فلسطينية مستقلة يعود لها المهاجرون واللاجئون, ولكنه لا يحل معضلة المساواة بالنسبة للجميع. رغم العداء والمواجهة الجارية، فإن التشابك بين الفلسطينيين والإسرائيليين أعلى بكثير مما هو متصور ومحسوب حتى داخل غزة التى كانت الكهرباء والماء العذب والأموال القطرية تأتيها من إسرائيل. فهل يمكن وضع ذلك فى إطار حل الدولتين لكى تكونا مستقلتين وفى أحضان بعضهما فى ذات الوقت؟.