بقلم - عبد المنعم سعيد
فى عدن كانت حرب غزة الخامسة حاضرة، مضيق باب المندب عند مرمى البصر، وقصص الحوثيين فى حرب البحر الأحمر تظهر فصولها الأولى على أبنية اخترقها رصاص حوثي، والمبنى الرئاسى كان يستعيد حيويته بعد قصف سابق بالصواريخ الحوثية. القصة جزء من كل مركزه غزة ولكن امتدادها جار على الحدود اللبنانية والسورية والعراقية؛ وفى الجنوب يوجد الحوثيون. شبكة الميليشيات واضحة، ولكن ما شكل إلحاحا جديدا كان القصف الإسرائيلى للقنصلية الإيرانية فى دمشق، ومقتل سبعة عسكريين بينهم جنرالان من المرتبة الرفيعة.
فى مثل هذه الأحوال فإن إيران الناظرة دوما من بعيد وكأنها تقود معزوفة نارية عبر الكثير من النوافذ والجبهات تصبح تحت وطأة التساؤل ماذا ستفعل طهران هذه المرة التى ليست الأولي، والمؤكد أنها لن تكون الأخيرة. المعتاد عادة هو سلسلة من التصريحات التى تؤكد أولا أنه سوف يكون هناك رد فعل عالى القسوة؛ وثانيا أن طهران سوف تقرر الوقت المناسب والطريقة المناسبة. وقعت الواقعة وقامت إيران بعملية مبتكرة فيها حشد مخيف من المسيرات والطائرات، ولكنها لم تصب لا هدفا عسكريا ولا مدنيا اللهم إلا طفلا عربيا من البدو جاءته شظية.
الوقوف على حافة الجحيم لا يزال مستمرا، والجبهة الأصلية فى غزة حيث الضغوط الإنسانية موجعة، وإسرائيل تقوم بسحب فيالقها من القطاع استعدادا لجولة جديدة فى رفح. حماس لا تشغلها إسرائيل كثيرا وإنما أفراد من السلطة الوطنية الفلسطينية القادمين للمشاركة فى توزيع الإغاثة لكى تقبض عليهم حماس التى تجعل القضية كلها غير معروف ما إذا كانت الحرب من أجل دولة حماس أو دولة فلسطين. ولكن ذلك مشهد جانبى لأن الانتظار الذى كان ينصب على رد الفعل الإيرانى وانتظار الجحيم الأكبر فإنه بات الآن انتظار رد الفعل الإسرائيلي؛ أما إذا ظل الأمر على حاله فإن أخبار التهدئة والهدنة التى أتت قبل عيد الفطر ربما تكون لها مصداقية.