بقلم: عبد المنعم سعيد
«مشروع مانهاتن» كان هو المشروع الذى استطاع به «أوبنهايمر» إنتاج القنبلة النووية التى أنهت الحرب العالمية الثانية؛ وقادت إلى استخدامات كثيرة ومتعددة ومتنوعة للطاقة التى أضاءت وحركت البشرية طوال القرن العشرين. «مشروع جون كينيدي» كان الوصول إلى القمر قبل نهاية الستينيات من القرن الماضي؛ ومنه أصبحت الولايات المتحدة القوة العظمى الأولى ومعها وضعت الأساس للثورات الرقمية والآن الذكاء الاصطناعي. كلا المشروعين بُنى على أكتاف المشروع الأكبر لتعمير قارة بكاملها انطلاقا من ١٣ ولاية فى شرق أمريكا على المحيط الأطلنطي، لكى تصل إلى الذهب على المحيط الباسيفيكى فى غرب ما بات ٥٠ ولاية متحدة فى الولايات المتحدة الأمريكية. المشروعات الكبرى هى التى تبنى لسنوات كثيرة قادمة، وتطرح آفاقا لم تكن معروفة من قبل. مشروع سد أسوان العالى كان من هذا النوع، استمر عشر سنوات، ولكنه روض النهر وخلق بحيرة صناعية هى الأكبر فى العالم، وغير من الزراعة المصرية، ووضع الأساس لبحيرة توشكى التى منها نبع نهر النيل موازيا للآخر القديم لكى يصب فى «الدلتا الجديدة».
المشروعات العملاقة مهمة لأنها تفتح آفاقا كبرى لكل ما هو بعدها، ولكنها لا تغنى عن كل التفاصيل الكثيرة التى تأتى فى أعقابها وفى مقدمتها تكوين مجتمعات لم تكن موجودة من قبل. لعل ذلك هو مشروع «مانهاتن» المصرى الجديد كيف ننقل المصريين من وادى النيل القديم إلى الجديد، وبعيدا إلى البحرين الأحمر والأبيض، والخليجين السويس والعقبة. الذهب كان هو الذى دفع الأمريكيين للانتقال عبر قفار من الصحراء والجبال، ولكن «الملكية» و«السوق» هى التى أنشأت الولايات والمقاطعات. المؤسسون لم يتركوا الحدود مفتوحة للولايات الأولي، لكى يكون هناك مجال لقيام ولايات جديدة تتوسع فيها الإمبراطورية التى تقع بين الماء والماء. فى مصر نحتاج لربط المسافات بين المحافظات بمحافظات أخرى يكون فيها مجالات لمدن وقرى وبشر يعرفون أنواعا جديدة من الإنتاج والثروة ومعهم سوق كبيرة واعدة. شمروا السواعد؟!