بقلم: عبد المنعم سعيد
ساعتان مضت على اللقاء بين بعثة الأهرام وسماحة الشيخ حسن نصرالله. كان قد مضى عقد على انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية التى دامت ١٦ عاما، ومع ذلك كان بعض من آثارها حاضرا فى البنية المعمارية للعاصمة اللبنانية وأكثر من ذلك بنيتها السياسية بحيث تغير فيها توازن القوى. هيكليا خرج "الشيعة" اللبنانيون إلى المقدمة من حيث الثقل البشرى والعسكري؛ وفى داخل الشيعة كان حزب الله يتقدم بالقدر الذى تصل إليه صواريخه. ولما كان مقررا حدوث الانسحاب الإسرائيلى من جنوب لبنان وقتها، سألت إذا كان الإسرائيليون ينسحبون بالفعل فلماذا الاستمرار فى القصف فجاء قوله مصحوبا بابتسامة خفيفة إن "مزارع شبعا"، لا تزال محتلة، وإذا خرجوا منها سوف نطالب بالجلاء عن القدس! بعد عقدين من هذا الحديث يبدو ما ذكره على سبيل الافتراض يقترب كثيرا من الواقع الراهن؛ ولكن خطاب الأسبوع الماضى فى نفس الوقت يفصح عن إستراتيجية متكاملة لقيادة ليس فقط لبنان وإنما المنطقة كلها.
القيادة كما ذكرنا بالأمس تبدأ بالقيادة الإيرانية ممثلة فى المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله الخامنئي، وفى قاعدتها يوجد الجماعات "الثورية" التابعة بداية من قوات الحشد الشعبى فى العراق، وقوات الحرس الثورى الإيرانية فى سوريا، وحزب الله اللبنانى فى سوريا ولبنان، وتنظيم حماس فى غزة، وجماعة أنصار الله الحوثية فى اليمن. ورغم أن خطاب الشيخ دار فى إطار المواجهة مع إسرائيل، والانتقام لاغتيال صالح العرورى فى بيروت، فإن التحالف الاستراتيجى الكبير لجميع الميليشيات المسلحة، يشكل انقلابا استراتيجيا كبيرا فى أوضاع المنطقة ممتدا من البحر الأحمر حتى الخليج، ومن المحيط الهندى وحتى الحدود العراقية التركية. حركة كل جماعة من هذه الجماعات لا يسير على قبيل الصدفة، أو تصحيح أوضاع ميدانية، أو الانتقام لاغتيال قيادة؛ وإنما هى تدور فى إطار انتزاع قيادة المنطقة بعيدا عن توجهاتها الإصلاحية إلى سلسلة من الحروب التى لا تتوقف.