بقلم: عبد المنعم سعيد
قبل سنوات خمس استيقظت فى التاسع من نوفمبر لكى أجد نفسى وقد أصبحت فى العام السبعين. يومها كتبت مقالا بعنوان “فى سن السبعين” حاولت استعراض ماذا تعنى سبعة عقود من العمر. هذه المرة استيقظت أول أمس الخميس لأجد نفسى أضفت خمس سنوات، وأصبح ممكنا القول إن عمرى بات ثلاثة أرباع قرن. تذكرت من عرفتهم وأعرفهم وقد تجاوزوا التسعين، ومازلت منبهرا أن هنرى كيسنجر - وزير الخارجية الأمريكى ومستشار الأمن القومى فى زمن الرئيس ريتشارد نيكسون- قد تجاوز المائة، ومازالت لديه قدرة السفر إلى الصين وكتابة كتابين فى العام. هو نوع من العزاء إذن النهاية ربما لا تكون قريبة، وأن البقاء فيه فوائد أكثر من فوائد السفر السبع. قرأت فى أحد الكتب عن الجنس البشرى أننى ربما فى سنى مازلت فى منتصف العمر، فقد بات ممكنا كما قال المؤلف أن يعيش الإنسان حتى يبلغ ١٣٠ عاما قبل أن ينتصف هذا القرن.
سوف أترك هذا جانبا الآن، فكما أعد نفسى دائما ربما يكون فى مقدورى كتابة المذكرات التى يطالبنى بها كثيرون؛ بينما لست متأكدا عما إذا كان فى العمر ما يستحق الرواية. ولكن الخمس سنوات الماضية كانت مزدحمة بالأحداث، ولو أن القضاء جاء فى سن السبعين لافتقدت العيش فى ظل أزمات متتابعة لم يكن فى الظن أنها سوف تحدث أبدا. فمن يصدق قبل عقد فقط من الزمان عما إذا كان هناك وباء سوف يلم بالكرة الأرضية كلها، ولا يصبح هناك فارق بين دول عظمى وأخرى صغرى؛ وكيف أن كل شيء سوف يتغير من المطارات حتى سبل العيش. ومن كان يصدق أنه يمكن حدوث الحرب فى أوروبا بعد كل ما عرفناه عن “العولمة”، وعالم القرية الصغيرة، والتكنولوجيا التى تكثر المحبة بين البشر. الأمر الوحيد الذى كنت متأكدا من حدوثه أن حماس سوف تشعل حرب غزة الخامسة.