بقلم: عبد المنعم سعيد
بعد زلزال ما سمى الربيع العربى انقسمت الدول العربية إلى ثلاثة: قسم وجد أنه لا خلاص ولا سعادة إلا بعملية إصلاح عميقة لا توجد فيها عودة إلى ما مضى، وإنما تطلع وسعى نحو المستقبل والتقدم؛ وقسم آخر سار فى الطريق المضاد، حيث ظل يعيش فى المرحلة الاستعمارية وتفرعاتها الصهيونية والامبريالية؛ وقسم ثالث انقسم من داخله بين هذا وذاك فى مرحلة انتقالية فيها الكثير من الدم والعرق والدموع. اليمن يقع فى هذا النوع الأخير، وهو ما رأيناه فى الزيارة إلى عدن واللقاء مع رئيس الدولة. لم نجد هناك بالتأكيد جنات عدن التى بالبحث وجدناها ربما فى العراق، ولكن المدينة توجد فيها لمسات حسن غائب، وآثار جمال تعرض لعدوان غاصب. الموقع ساحر، ومن الدراسة والحديث مع د. رشاد العليمى رئيس الحكومة الشرعية والموسوعى المعرفة فإن اليمن كان فيه ما يبعث على السعادة قديما حيث مجمع من الطبيعة المنبسطة الزراعية والجبلية البركانية، مع إطلالة ساحرة على المحيط الهندى ومضيق باب المندب. تاريخيا كان فيها أصل العرب القحطانية، والملكة بلقيس التى راسلت النبى سليمان.
واقع اليمن تعبير عن تراكم من الظروف الصعبة التى نجمت فى المرحلة «الإمامية» عن تخلف شديد؛ وعندما جاءت الثورة الأولى ١٩٦٢ كانت بداية حرب أهلية استمرت حتى ١٩٦٧، ومن بعدها تناوبت انقلابات عسكرية؛ ورغم وجود النفط، وربما بسببه وصل اليمن إلى حالة من التقسيم والفوضى ، ومن يجوب فى مدينة عدن العاصمة المؤقتة للحكومة الشرعية سوف يجد آثارا للعنف والرصاص، وفى القصر الجمهورى الذى تحدثنا فيه مع الرئيس كان تأثير القصف الحوثى لا يزال باقيا فى الذكري. ولكن الحكومة الشرعية استمدت من شرعيتها الدولية طريقا إلى الإصلاح يستعيد سلطة الدولة على ٨٠٪ من مساحتها، ويقوم على ترابطها النمو والتنمية والأمن، وفيها - كما فى الدول العربية الإصلاحية - التعليم والصحة والبنية الأساسية كأول المنطلقات لاستعادة الدولة اليمنية. الطريق صعب وطويل.