بقلم:فاروق جويدة
لا تخسر صديقًا لأن خسارة الأصدقاء لا تُعوَّض، والصداقة بلغة الاقتصاد استثمار طويل الأجل، تحتاج زمنًا واهتمامًا ورعاية.. والصداقة فى زماننا أصبحت صعبة، وربما مستحيلة. إنها تأخذ من العمر أجمل ما فيه، وتأخذ من الاهتمام أشياء قد لا تتوافر فى كل الأوقات.. وأصعب ما يواجه الصداقة : الإهمال والملل. إن الإهمال يشبه الأوبئة التى تتسلل فى جسد الإنسان، وقد تُصيب الأشجار والكائنات الأخرى.. وأقرب الظواهر للإهمال: الملل، لأنك تفقد القدرة على أن تعطي.. والإهمال يبدأ بالسؤال وينتهى بالجحود، وإذا وصل إلى هذه الدرجة يقطع كل جذور التواصل، ويصبح الحب ضيفًا غريبًا.. والاهمال يحمل ظواهر العدوى، لأنه يتنقل مثل الجراثيم، لأنك إذا أهملت صديقًا، لا تطلب منه أن يمد جسور التواصل معك.
هناك أشياء تقتل الصداقة: عدم الوفاء بالعهد، وخيانة الأمانة، والهروب فى ساعة الحاجة، وعدم المشاركة فى الشدة.
وخسارة الصديق تعنى الكثير، إنه السند والملجأ والملاذ.
وخسارة الصديق أقسى من خسارة الحبيب، لأن الصداقة عمر، والحبيب قد يكون رحلة قصيرة.. وأصعب الأشياء أن تخسر الاثنين معًا، وتجد نفسك وحيدًا، فلا حبيب يُلملم جراحك، ولا صديق تلجأ إليه فى ساعة احتياج.
إن حياة الإنسان، طالت أم قصرت، يمكن أن تتوقف عند صديق تخلّى أو حبيب هان، وتجد الحياة حولك مجرد فراغ سحيق، لا أنس فيه ولا بهجة.. لا تخسر صديقًا، لأن الزمن البخيل لن يعوض الخسارة.. إن الأصدقاء ليسوا بالعدد، ولكن صديقا واحدا يمكن أن يكون ثروة لا تعوض لأن الصداقة مشوار عمر،
وليست اياما أو شهورا، وقد لا تجد الصديق فى اى وقت، لأنه عملة نادرة، وإذا وجدته فلا تفرط فيه..