بقلم - فاروق جويدة
حين تسيل الدماء فإن الحسابات تتغير ولعل هذا ما حدث فى فرنسا حين سقط أربعة قتلى و11 مصابا فى مدينة ستراسبورج، وعلينا أن ننتظر بقية الأحداث بعد خطاب الرئيس ماكرون وهو لم يكن كافيا لإقناع الشارع الفرنسى بالتزام الهدوء لأن الزيادة فى الأجور كانت أقل كثيراً من طموحات الآلاف الذين خرجوا احتجاجا على سياسة الحكومة والإصرار على رحيل ماكرون ورغم أنه كان عاطفيا ومؤثرا فى خطابه فإنه تأخر بعض الوقت كما أن اليسار الفرنسى يقف مع حشود اليمين وكلاهما يطالب بقرارات حاسمة من أجل أبناء الطبقات الفقيرة بل والمتوسطة.. إن المواجهة الآن بين الشارع والسلطة انتقلت من العاصمة باريس إلى مناطق أخرى وتطورت المواجهات إلى القتل والدماء، وكل هذا يشعل الموقف ويرفع درجة التحدى فى وجه الحكومة .. إن الواضح أن الشارع لن يتراجع وأن الرئيس ماكرون لم يعد لديه تنازلات يقدمها، ولهذا فإن التقديرات ترى أن المواجهة صارت حتمية .. إن أزمة فرنسا لن تقتصر عليها بعد أن انتقلت من باريس وظهرت السترات الصفراء فى بلجيكا وهولندا، وقد تجتاح الاتحاد الأوروبى لأن الأزمات واحدة والقضايا متشابهة، إن اليونان وإسبانيا وايطاليا دول تعيش ظروفا أسوأ من فرنسا وقد خسرت فرنسا موسم السياحة، وسيكون الدور على اسبانيا وايطاليا واليونان وهى دول مثقلة بالديون خاصة اليونان ولن تستطيع المانيا إنقاذ كل هذه الدول خاصة انه لا أحد يعرف فقد يجىء الدور على المانيا رغم أنها أفضل حظا وأكثر استقرارا من كل دول الاتحاد الأوروبى .. فى شوارع لندن ظهرت أيضا السترات الصفراء ولهذا فإن أوروبا القارة العجوز تنتظر شتاء باردا قد يجتاح الاتحاد الأوروبى كله.. إن الاقتصاد العالمى يعيش مرحلة صعبة ابتداء بالبطالة والأجور والعجز فى الميزانيات والديون والتضخم وكلها مشكلات وأزمات مشتركة يعانيها منها جميع الدول والشىء المؤكد أن أمريكا لن تمد يدها لإنقاذ فرنسا فى محنتها، ولن تساعد الآخرين.. وربما وجدت الإدارة الأمريكية نفسها أمام حشود من أصحاب السترات الصفراء، لأن رصيد الرئيس ترامب يتراجع كثيرا وربما لن يجد فرصته فى الانتخابات القادمة..
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع