بقلم:فاروق جويدة
كل إنسان يجلس الآن مع نفسه ويراجع آخر ما بقى لديه من رصيد الأحلام .. كانت هناك أحلام للثراء لم تتحقق من عمل أو وظيفة .. كانت لديه أحلام للسفر، فأين يذهب والبلاد حوله تحولت إلى خراب، وأصبح الأمن حلمًا مستحيلا؟.. كان حلمه أن يسكن بيتًا جميلاً أمامه حديقة، ولكن من أين يشتريه وقد فاقت الأسعار الخيال؟ كان حلمه أن تكون الحياة أكثر رحمة به فى طعامه، ومرضه، ومدارس الأبناء، وأن يكون قادرًا على أن يساعد والده ويمد يده لوالدته، وأن يشعر الناس حوله بأنه قادر على إسعادهم.
الشيء المؤسف أن سنوات العمر هربت وتسللت، وأصبح حلمه الوحيد أن يختفى من ليالى البرد الموحشة. ربما سمع أغنية، أو تحدث مع صديق يشاركه فى لياليه الطويلة.. كان الحب حلمًا قديمًا لم يعد له مكان، حتى اللهفة والأشواق سافرت.. كل متعة الإنسان الآن أن ينام دون إحساس بالخوف أو الألم، أن يشعر بأنه سوف ينام سعيدًا ويصحو بكامل صحته .. لقد تراجع رصيد الأحلام، وما بقى أصبح شيئًا ضئيلًا: أن تنام راضيًا، ولا تسمع نشرة الأخبار، ولا تقرأ صفحة الحوادث، وتطمئن إلى أن الأولاد بخير، وأن ما بقى من صحتك هو آخر الأحلام ..
لا تحاول أن تستعيد ذكريات الماضي، سواء لحظات حب أو شوق أو ألم.. فكِّر فى نفسك لكى تنعم بنوم هادئ .. ربما عشت فى نومك حلمًا من أيام الزمن الجميل. حاول....الإنسان له سنوات عمر مثل الزهرة تمامًا، وكذلك لكل حلم عمر.. وما بين الحلم والحقيقة تمضى بنا سنوات العمر.. فلا تحاول أن تستبدل الأوراق أو تغير مسيرة الزمن حتى تنام راضيًا هادئًا، مستمتعًا بما بقى لديك من رصيد الأحلام.