فلسطين بين دماء الشهداء وأنصار السلام

فلسطين بين دماء الشهداء وأنصار السلام

فلسطين بين دماء الشهداء وأنصار السلام

 عمان اليوم -

فلسطين بين دماء الشهداء وأنصار السلام

بقلم - فاروق جويدة

 

لا يوجد بيت في مصر إلا وأخذت القضية الفلسطينية سنوات من عمره بين شهيد أو مصاب أو دموع ، وهناك أجيال كاملة قدمت نصف عمرها حربا، وقدمت النصف الثاني أحلاما لم تتحقق وكانت مذابح غزة آخر نتائج السلام العاجز الذي أطاح بكل أحلام شعوب المنطقة في سلام عادل.

ــــ لقد دارت الحوارات والكتابات طوال حرب غزة من أطراف كثيرة بين الأصدقاء والأعداء ، بين بقايا فلول التطبيع وفلول المتآمرين ، وأمام هذا كله غابت وحدة الصف الفلسطيني وظهرت حشود الانقسامات وعدنا إلي تقسيمات دينية وحزبية وغاب صوت الحقيقة أمام اتهامات وإدانات ليس هذا وقتها ، وعلت في الأفق أصوات كثيرة ما بين فتح وحماس والجهاد وبقايا جماعات وتنظيمات أخري ، بل إن الأخطر من ذلك أننا لم نجد فريق عمل متجانسا يمثل الشعب الفلسطيني ولكن كانت الانقسامات تطل في الوفود والجماعات، وعدنا مرة أخري إلي الملفات والمواقف والخلافات القديمة التي دفع الشعب الفلسطيني ثمنها غاليا..

ــــ كنت واحدا من كثيرين عاشوا القضية الفلسطينية واقعا وحلما وانكسارا رغم أنني لم أعرف من قيادات الشعب الفلسطيني غير المناضل الكبير ياسر عرفات منذ التقيته في عمان عاصمة الأردن في منتصف الثمانينيات ، وكان يومها قد خرج من مذابح لبنان وعاش مأساة الكرامة ثم انتقل إلي تونس في رحلة المنافي .. في عمان تحدث عرفات كثيرا عن أحلامه في العودة وإقامة الدولة الفلسطينية والتحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني دوليا وعربيا وبين رفاق السلاح .. لاشك فى أن شخصية عرفات منحت القضية الفلسطينية وهجا وبريقا وحضورا لم يتوافر لأحد بعده.. وفي أيامه الأخيرة شهد أول وأعمق الانقسامات حين ظهر الشيخ أحمد ياسين وبرزت في الأفق حماس، وكان عرفات قادرا بثقله الوطني والسياسي أن يحتوي كل القوي والجبهات حتي المعارضة منها..

ــــ كانت هناك أسباب كثيرة وراء انقسام الصف الفلسطيني هي من حيث الأهمية:

< أولاً : انقسمت المقاومة علي نفسها ما بين فريق اختار السلام طريقا بينما كان هناك فريق يري أن المقاومة المسلحة هي الحل، وكان الخلاف واضحا بين الجبهتين بل إن الانقسام وصل إلي الأفكار والعقائد ما بين تيار ديني تمثله حماس وتيار علماني تمثله فتح.. وكان هذا الخلاف أعمق درجات الصدام بين أبناء الشعب الفلسطيني.. والذى وصل إلى صدام مسلح بين غزة والضفة وترك آثاره على كل جوانب القضية .. وقد وصل الصدام بين تيار يري المقاومة المسلحة وآخر يري المفاوضات هي الطريق الأسلم إلى مواجهات بين الفصائل الفلسطينية وكان ذلك على حساب الشعب الفلسطينى الذى دفع الثمن..

< ثانيا : اتجه فريق المفاوضات إلي مفاوضات مباشرة مع إسرائيل رغم أن عرفات كان من الممكن أن يحقق نتائج أفضل لو انه لحق بقطار كامب ديفيد في مفاوضات السادات وبيجين في اجتماعات فندق الميناهاوس في القاهرة ، ورغم ذلك مضت المفاوضات بعد أن دخلت أمريكا علي الخط ولم تسفر عن نتائج تحقق أحلام الشعب الفلسطيني في إقامة دولته ومات عرفات في مؤامرة كان هدفها أن يختفي من المشهد تماما..

< ثالثا : تراجع مستوي الحوار حتي وصل إلي محطة أوسلو وبدأت أحلام السلام تتراجع أمام غياب عرفات وجماعات كوبنهاجن والسلطة الفلسطينية الجديدة ، وقيادة أبو مازن للمشهد والتمهيد لإعلان قيام الدولة الفلسطينية والتنسيق الأمني بين السلطة وإسرائيل وتحويل مستحقات العمالة لدي إسرائيل .. ومضي الوقت ولم يتحقق الحلم الفلسطيني علي يد سلطة رام الله وجرت الانتخابات وتصدرت حماس المشهد، وتراجع دور السلطة أمام  إصرار إسرائيل علي التأجيل والمراوغة وكان ظهور نيتانياهو إعلان وفاة أوسلو.. وهنا انطلقت الانتفاضة الأولي ثم الثانية واهتزت أركان الدولة العبرية أمام اجتياح حشود الشباب الفلسطيني الذي عاد يعلن أن المقاومة هي الحل وكان إجراء الانتخابات وفوز حماس آخر مشاهد الصراع بين دعاة السلام ودعاة المقاومة حتي كانت المفأجاة الكبري يوم ٧أكتوبر وبدأت المعركة الكبري..

< رابعاً: كان ينبغي أن تقف قيادات الشعب الفلسطيني صفا واحدا خلف حماس وتنسي صفحات الخلافات القديمة بما في ذلك الديني والعلماني والسلمي والمقاوم لأن ما حدث في حرب غزة كان تاريخا جديدا ، خاصة أن شعب غزة دفع ثمنا غاليا .. وانضمت قوي المقاومة إلي حماس وإن بقي الخلاف بين السلطة وفتح وحماس وجبهة المقاومة .. في الجانب الآخر كان الموقف أمام مذابح غزة يتطلب موقفا موحدا من جميع القوي الفلسطينية خاصة أن إسرائيل نجحت في حشد قوي دولية علي رأسها أمريكا .. في هذه الحرب الوحشية كان ينبغي أن يتوحد الصف  الفلسطيني فلم تعد القضية «فتح» أو «حماس»  ولم تعد التفاوض أو المقاومة ولكنها أصبحت قضية شعب يحارب لاسترداد أرضه ووطنه .. في حرب غزة  ظهرت مواقف تدعو للحزن والأسي في بيانات أدانت حماس  ولم تبد أي تعاطف مع دماء الشهداء خاصة أن انسحاب بعض الدول العربية من المشهد ترك آثاره علي بعض القوي الفلسطينية التي ترتبط بمصالح مع بعض الدول العربية وقد لعبت فلول التطبيع دورا في هذه الخلافات.. وكان شيئا غريبا أن يدين البعض ما حدث فى 7 أكتوبر بينما كان هناك من قدم الدعم لإسرائيل..

< خامساً: نحن أمام فصول جديدة في قضية العرب الأولي أن الشعب الفلسطيني يتصدر المشهد لأول مرة حربا وانتصارا وتفاوضا وانه أمام  فرصة تاريخية لأن حرب غزة عادت بقضيته إلي صدارة القضايا العالمية ، فقد سبقت في الأولويات ما يجري بين روسيا وأوكرانيا ، وأصبحت قضية الملايين الذين خرجوا في مظاهرات تدين وحشية إسرائيل وأمريكا وكل من شارك في هذه الجريمة .. نحن أمام مفترق الطرق والأمر يتطلب موقفا حاسما لا يحتمل التأجيل بين كل القوي الفلسطينية خاصة أن أمريكا أصبحت طرفا شريكا في كل ما يجري ولم تعد مجرد وسيط بين أطراف متنازعة.. إن على جميع القوى الفلسطينية أن تنتهز هذه الفرصة التاريخية حتى يصل الشعب الفلسطينى إلى إقامة دولته واسترداد حقوقه والطرف الوحيد الذى يستطيع ذلك هو أمريكا التى تتصدر المشهد الآن..

< سادساً: إن دماء الشهداء من الأمهات والأطفال ألقت علي كل أبناء الشعب الفلسطيني مسئولية أن تتوحد كلمتهم في هذه الفترة العصيبة أمام الطاغوت الإسرائيلي الأمريكي وهي فرصة تاريخية أن تعود القضية إلي أصحابها حربا وسلاما ، خاصة أن العالم يقف الآن أمام غزة  كنموذج  لشعب يدافع عن حقه في الحياة.. لقد خسر الفلسطينيون فرصا كثيرة أمام انقسامهم وقد استغلت إسرائيل هذا الانقسام فى مواقفها تجاه القضية خاصة مع انشغال العالم العربى بقضايا أخرى كما حدث فى العراق وسوريا ولبنان وليبيا والسودان وكانت عودة الاحتلال مرة أخرى للعالم العربى أكبر مكاسب إسرائيل حيث لعبت لعبتها التاريخية فى تضييع الوقت واستغلال عامل الزمن فى الوقت الضائع والفرص المهدرة أمام حلم لايجيئ بسلام عادل.

 

 

..ويبقى الشعر

لا تَحْزَنُوا .. إِنْ جِئْتُكُمْ يَوْمًا بِوجْهِ مُسْتَعَارُ

أخْفِي بِهِ أَطْلَالَ عُمْرٍ شَوَّهَتُهُ يَدُ الدَّمَارُ

لَا تَغْضَبُوا مِنِّى إِذَا أَخْفَيْتُ إِخْفَاقِي .. وَيَأْسِي

كي أَبَشِّرَكُمْ .. بِصَيْحَاتِ النَّهَارْ

إِنِّي أَرَاهُ هُنَاكَ طُوفَانًا يُعَرِيدُ فِي جَوانِحِنَا

وَيَعْصِفُ فِي دِمَانَا .. لَنْ يَطُولُ الانْتِظَارْ

قَدْ لَا يَطُولُ العُمْرُ بِي

حَتَّى أراه جزيرةً خَضْراءَ تَعْلُو فَوْقَ أَمْوَاجِ البِحَارْ

قَدْ لَا يَطُولُ العُمْرُ بِي

حَتَّى أَراهُ كَبَسْمَةٍ بَيضَاءَ فِي عَيْنِ الصَّغَارْ

لَكنَّنِي سَاكُونُ أَغْنِيةً

تَطِيرُ عَلَى قِبَابِ القُدسِ تَزْهُو بِالْأَملْ

سَأَكُونَ نَارًا تَحْرِقُ الكُهَّانَ ..

والزَّمَنَ المُعِّوقَ .. والدَّجلْ

>>>>

القُدسُ سَوْفَ تُحاصِرُ المَوْتَى

سَتَهْدِمُ كُلَّ جُدْرَانِ الْمَقَابِرْ

سَتَطُوفُ فَوْقَ شَوَاهِدِ الْأَحْيَاءِ

تَصْرُخُ فِي بُيُوتِ السُّوءِ...

سَوْفَ تَصِيحُ مِنْ فَوقِ المَنَابِرْ

يَتَدَفَّقُ الصَّوتُ العتيقُ

فَيُغْرِقُ الجُثًثَ القَدِيمَة .. ثُمَّ يَبْعَثُهَا

وَتَنْبُتُ مِنَ بَقَايَاهَا الخَنَاجِرْ

يَا نُوحُ .. لا تَعْبَأُ بِمَنْ خَانُوا

فَلَنْ يَنْجُو مِنَ الطُّوفَانِ غَادِرْ

>>>>

القدسُ تَحْتَضِنُ الرِّجَالَ الرَّاحِلِينَ بِحُلْمِهِمْ

والجُرْحُ فِي الْأَعْمَاقِ غَائِرْ

القُدْسُ مَا زَالَتْ تُحلِّقُ فِي القُلُوبِ...

وَإِنْ بَدَتْ فِي الْأَفْقِ أَحْزَانًا تُكَابِرْ

القُدْسُ تَصْرُحُ فِي مَأذِنِنَا :

حَرَامٌ أَنْ يَضِيعَ الحَقُّ .. يَا زَمَنَ الصَّغَائِرْ

>>>>

القُدْسُ سَوْفَ تَعُودُ كَالبُرْكَانِ

تكتسح الزَّمَانَ الراكد المَوْبُوءَ ...

تُشْرِقُ فِي دُجَى اللَّيْلِ البَصَائِرْ

ستُدَاعِبُ الأَطْفَالَ بالحَلْوَى ...

وبالقصص القَدِيمَة .. والحَكَايًا

سَوْفَ تَحْمِلُ فِي يَدٍ زَيْتُونَةً خَضْراءَ

تَحْمِلُ فِي الْيَدِ الْأَخْرَى .. خَنَاجِرْ

سَتُعلم الأَطْفَالَ نُطْقَ الحَرْفِ ...

قَتْلَ الظُّلْمِ .. وَأَدَ الخَوْفِ ..

كَيْفَ يَكُونُ صَوتُ الحَقِّ

نُورًا فِي الضَّمَائِرْ

وسَيَسْقُطُ الكُهَّانُ كالحَشَراتِ ..

فِي صَمْتِ الْمَقَابِرْ

وسيزحَفُ الْمَوْتَى جُمُوعًا بالبشائرْ

وَالقُدْسُ تَصْرُحْ خَلْفَهم ...

وَتَصِيحُ فِيهم :

لَنْ تَمُوتُوا ... لَنْ تَمُوتُوا مَرَّتَيْن
 

omantoday

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

هوامش قمة البحرين

GMT 08:30 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 08:29 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 08:28 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلسطين بين دماء الشهداء وأنصار السلام فلسطين بين دماء الشهداء وأنصار السلام



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 20:58 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
 عمان اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 20:55 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
 عمان اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 21:08 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
 عمان اليوم - نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها

GMT 21:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

تحقيق يكشف عن تقييد "فيسبوك" للصفحات الإخبارية الفلسطينية
 عمان اليوم - تحقيق يكشف عن تقييد "فيسبوك" للصفحات الإخبارية الفلسطينية

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab