بقلم: سليمان جودة
قبل يومين سألنى اللواء الوزير أبوبكر الجندى، عما إذا كان الدكتور أيمن ونس، قد استقال بالفعل من رئاسة لجنة حصر المبانى ذات الطراز المعمارى المتميز في شرق العاصمة؟.. لم أكن متأكدًا فأبلغته بأنى تابعت مثل كثيرين تداول الاستقالة بكثافة على مواقع التواصل، ولا أعرف ما إذا كانت صحيحة أم لا؟.. بعدها بساعات عدل الدكتور ونس عن استقالته، وأعلن ذلك باسمه وصورته في عدد من المواقع الإخبارية.
كانت الاستقالة اعتراضًا من جانبه على هدم المقابر، وكانت عودته عنها، لأنه لاحظ بمجرد إعلانها أن هناك أطرافًا وظفتها للهجوم على الحكومة.. وهذا بالتأكيد ما لم يكن يقصده عندما بادر بالإعلان عن موقفه، ولا يقصده كل عاقل تعامل ويتعامل مع موضوع المقابر.
وعندما تتأمل الأمر تكتشف أن الرجل كان على صواب في الحالتين، لأن من واجبه أولاً أن يعلن عما يراه بحكم وجوده على رأس اللجنة، ولأنه ثانياً لم يكن باستقالته يقصد الهجوم على الحكومة، ولا كان من بين أهدافه أن يعطى فرصة للذين يوظفون الأشياء في غير محلها.
فالهدف في كل الأحوال أن تنتبه الحكومة إلى أن موضوع هدم المقابر يمثل حساسية خاصة لدى المواطنين، ويحظى بمتابعة عالية على مستوى الرأى العام، ويجرى فيه خلط الحقيقة بالخيال على نحو يلاحظه كل متابع.
على الحكومة أن تنتبه لهذا سريعاً، وأن تكون حاضرة، حيث يجب أن تحضر وتتكلم، وأن تخاطب الناس بدلاً من أن تتركهم أسرى للذين يوظفون الأحداث ضد البلد، ويضخمون الشىء فيبدو على غير حقيقته أمام المتابعين.
إن أهم جملة جاءت في إعلان الدكتور ونس عودته عن استقالته، أنه تأكد من «محاسبة المتجاوز وتعديل مسار التطوير».. هذه الجملة وحدها كانت كفيلة منذ بدء انتشار الموضوع على مواقع التواصل بتهدئة الرأى العام، وكانت كفيلة بطمأنته على ما يعتبره تراثًا يخصه ويعتزبه ويرفض الاعتداء عليه.. فلماذا لم تعلنها الجهة المعنية قبل أن نجد أنفسنا أمام استقالة، ثم أمام عودة عنها، ثم أمام صخب واسع حولها؟
اقطعوا الطريق على المتاجرين بالموضوع، وخاطبوا المصريين بصراحة، واحترموا ما يراه الناس جزءًا حيًا من التاريخ، ولا تنتظروا حتى تكبر الحكاية وينفخ فيها كل صاحب غرض، ولا تستهينوا بالمشاعر العامة في القضية