بقلم: سليمان جودة
فى كتاب «تشابه أسماء»، للوزير مختار خطاب، سوف تكتشف أن الكتاب ليس سيرة ذاتية للرجل بمعناها الذى نعرفه وفقط، ولكنه سيرة روحية إذا جاز وصفها بذلك.. ولا عنوان يصلح لهذه السيرة الروحية إلا العبارة التى تقول: إذا كان الله معى، فمَن علىَّ؟!.
ومن كثرتها فى حياته يسميها المعجزات الصغرى، ولا شىء آخر عنده يفسر به مواقف عديدة فى حياته كان خلالها يقف وحيدًا بلا سند، فإذا السماء معه تسعفه وتساعده.. وهى مواقف لن يصدقها عقلك إذا عرضتها عليه لأنها من اختصاص القلب.
كان يعمل فى مؤسسة النفط فى ليبيا ذات يوم، وكان ذلك فى نهاية السبعينيات، ونشرت الصحف المصرية اسمه فى الصفحة الأولى متهمًا مع آخرين بالاشتراك فى تنظيم لقلب نظام الحكم، ولم يكن ذلك صحيحًا بالمرة، وقد هداه تفكيره إلى أن يعود إلى القاهرة ليبرئ نفسه بنفسه، رغم أن كل الذين عرفوا باعتزامه العودة نصحوه جميعًا بألّا يعود.
ولكنه صمم وعاد.. وفى المطار أعطى ضابط الجوازات جواز سفره، وباليد الثانية أعطاه الجريدة التى تحمل اسمه عضوًا فى التنظيم، فكان وكأنه يبلغ عن نفسه!.. غاب الضابط دقائق، ثم رجع ليختم الجواز، ويأذن له بالمرور، وهو يقول: تشابه أسماء!!.
وفى مرة أخرى ذهب يطلب تأشيرة مع زوجته من السفارة الأمريكية، وقد لاحظ أن كل الواقفين فى الطابور يحملون مظروفًا كبيرًا بالأوراق المطلوبة، ولم يكن فى يده غير الجوازين، ومعهما خطاب من سطر ونصف السطر من مؤسسة النفط الليبية التى كان قد ترك العمل بها، ورفضت الموظفة تسلم الجوازين لأن القنصل سيرفضهما بالتأكيد.. ولكنها تسلمتهما تحت إلحاحه، ونصحته بالعودة فى اليوم التالى لأنه سيجدهما مرفوضين مع فرد الأمن على الباب، فلم يحدث أن حصل أحد من قبل على التأشيرة بغير تقديم الأوراق المطلوبة كاملةً. عاد فى اليوم التالى ليجدهما على الباب بالفعل، فأخذهما وانصرف حزينًا، وفى البيت راح يتصفحهما بلا اهتمام، فإذا بهما يحملان التأشيرة التى طلبها!!.
وفى الجزائر راح يبحث عن صديق لم يكن قد رآه منذ سنوات، ولم يكن يملك عنه أى معلومات، سوى اسمه، فسأل مدرسًا مصريًّا بالمصادفة عما إذا كان يسمع عن مدرس جزائرى اسمه كذا، فإذا به يخبره بأنه على موعد معه بعد عشر دقائق!!.
لا يخلو الكتاب من هذه المواقف فى كل فصل، ولا تفسير لها سوى اليقين فى الله، وأن صاحبها من العباد الذين قيل عنهم إن لله عبادًا إذا أرادوا أراد.