بقلم: سليمان جودة
لا شىء ينطبق على موقف الصين من قمة مجموعة العشرين التى أنهت أعمالها فى الهند الأحد، إلا المثل الذى يقول: إذا عُرف السبب بطُل العجب.
فالصين رغم أنها عضو أساسى فى المجموعة، ورغم أن رئيسها لم يتخلف عن ١٨ قمة سابقة، إلا أن الرئيس الصينى شى جين بينج تخلف عن هذه القمة الأخيرة، وكان تخلفه عن الحضور مثارًا لتساؤلات بلا إجابات.
وكان هو نفسه قد حضر قمة البريكس فى جنوب إفريقيا ٢٢ أغسطس، لكنه اختار أن يغيب عن قمة العشرين، رغم أن المجموعة أهم من البريكس بمعايير كثيرة، وهى معايير ليس أولها أن «العشرين» تضم أكبر عشرين اقتصادًا فى العالم، ولا آخرها أن الولايات المتحدة عضو بين أعضائها.
وبما أن اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية هو الاقتصاد الأكبر عالميًا، وبما أن الاقتصاد الصينى هو الثانى عالميًا أيضًا، فالمتوقع كان أن تبادر بكين بالحضور، وألا تترك الساحة فى القمة خالية لواشنطون.
ومنذ الإعلان عن غياب الرئيس شى عن القمة، راح كثيرون يضربون أخماسًا فى أسداس، ويخمنون حقيقة السبب وراء الغياب، لكن كل ذلك بقى بلا جدوى إلى أن جاء اليوم الثانى والأخير لأعمال القمة، ليكشف لنا عن حقيقة السبب الذى جعل الصينيين يغيبون، وإذا شئنا الدقة قلنا إنهم غضبوا فلم يحضروا.
فالقمة أعلنت فى يومها الثانى عن ممر اقتصادى يضم الولايات المتحدة، والهند، والسعودية، والإمارات، والأردن، وإسرائيل، ثم أوروبا.. وهو ممر يبدأ شرقًا من شواطئ الهند، وصولًا إلى الإمارات، ومن بعدها يقطع الأراضى السعودية إلى الأردن، ثم يصل فى النهاية إلى القارة الأوروبية عبر البحر المتوسط.
ممر كهذا حين يتم سوف ينافس مشروع «الحزام والطريق» الصينى، الذى يبدأ من الصين ويصل فى النهاية إلى أوروبا عبر مسار مختلف طبعًا، ولكن يبقى أن الممر الذى أعلنت عنه قمة العشرين سوف يكون على حساب المشروع الصينى.. والغالب أن الصين ليست راضية عن فكرة الممر بالمرة، وأنها سوف تقف فى طريقه، وأنها غاضبة من الهند التى صدر الإعلان عنه من فوق أرضها، وأن هذا هو ما جعل الرئيس الصينى يدير ظهره للقمة فلا يعيرها الاهتمام المتوقع.. وحتى يحين موعد القمة القادمة للمجموعة فى البرازيل سوف نكون على موعد مع تفاصيل عن الممر أكثر، ومع التفاصيل سنكون على موعد مع غضب صينى أكثر وأكثر