بقلم: سليمان جودة
توقف الرئيس الأمريكى جو بايدن خلال جولته الأوروبية الأخيرة فى ثلاث محطات، وكان يبعث من كل محطة «برسالة» إلى الرئيس الروسى فلاديمير بوتين.
كانت المحطة الأولى فى لندن، وكان يريد أن يقول إنه يزور بريطانيا التى كانت ولا تزال أكثر دول أوروبا تشدداً مع بوتين فى حربه على أوكرانيا.. فلا نزال نذكر كيف كان بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطانى السابق، دائم الذهاب إلى أوكرانيا، وكيف كان لا يتوقف عن إظهار وقوف بلاده معها بكل ما تملكه.
وكانت محطة بايدن الثانية فى ليتوانيا، حيث حضر القمة التى جمعت قادة حلف شمال الأطلنطى على طاولة واحدة.. ولم تكن «الرسالة» فى محطته الثانية أن الحلف يجتمع- بقضه وقضيضه- ليعلن وقوفه إلى جانب أوكرانيا بكل ما يستطيع.. فهذا فى الحقيقة حاصل منذ بدء الحرب فبراير قبل الماضى.. ولكن «الرسالة» كانت فى المكان المختار لعقد القمة، لأنه لا يخفى على أحد أن ليتوانيا هى إحدى دول الاتحاد السوفييتى السابق!
فكأن قادة الحلف لم يجدوا مكاناً فى الدنيا يجمعهم سوى هذا المكان الذى يجعلهم يجتمعون على جزء حى من أرض الاتحاد السوفييتى نفسه، وبكل ما يمكن أن يحمله هذا الاختيار إلى الرئيس الروسى من معنى!
وكانت المحطة الثالثة فى فنلندا التى عاشت محايدة طول عمرها، فلما رأت حرب الروس على أوكرانيا سارعت تدق باب الحلف، وقد التحقت به بالفعل فى ذكرى نشأته التى وافقت ٤ إبريل من هذه السنة!
وكانت تركيا التى تتمتع بعضوية الحلف قد وقفت فى طريق العضوية الفنلندية، لكنها سرعان ما خضعت وقبلت، ومن بعدها طالت حدود دول الحلف مع روسيا بمقدار ١٣٠٠ كيلو متر، هى بالضبط حدود فنلندا مع الدولة الروسية!
وهكذا يغادر بايدن محطته الثالثة، وقد أرسل ما يشاء من «الرسائل السياسية» إلى الرئيس الروسى، الذى يجد نفسه تحت حصار لم يكن على باله عند بدء الحرب!