بقلم: سليمان جودة
ما قرأناه من قبل عن التعليم الفنى كوم، وما سمعته من اللواء أبوبكر الجندى، رئيس جهاز الإحصاء والوزير السابق، كوم آخر تمامًا.
ذلك أننا لا نتوقف عن الكلام عن تعليمنا الفنى، ولا عن الضرورة فى أن يكون تعليمًا فنيًا على صلة مباشرة بالعصر، ولكن أحدًا لم يتطوع ليقول لنا كيف يكون ذلك؟!.
الوزير الجندى تطوع وبادر بالاتصال ليجيب عن هذا السؤال.. أما الهدف فهو أن يكون التعليم الفنى عندنا على المستوى نفسه الذى يعرفه الألمان.. وأما لماذا الألمان على وجه التحديد؟!.. فلأنهم آباء هذا النوع من التعليم فى العالم، ولأنهم المرجع لكل حكومة راغبة فى أن يكون على أرضها تعليم فنى كما يقول الكتاب.
والقضية لها قسمان: قسم يتصل بما نريده من وراء التعليم الفنى، وقسم آخر يتعلق بالطريقة التى تصل بنا إلى ما نريده.. ولذلك.. فعلينا أن نحدد أولًا ماذا نريد من التعليم الفنى بأنواعه الثلاثة، الصناعى والتجارى والزراعى، فإذا حددنا ما نريده انتقلنا إلى الوسيلة التى سيتحقق بها هذا المراد.
وهذا ما يفعله الألمان الذين إذا حددوا على سبيل المثال أنهم فى حاجة إلى ألف خريج من التعليم الصناعى الفنى، جعلوا مدارس هذا التعليم تستقبل هذا العدد، ثم طلبوا من المؤسسات والمصانع التى قالت إنها فى حاجة إلى الألف خريج أن يستقبلوهم ليتدربوا عمليًا فى مؤسساتهم ومصانعهم.. وتكون النتيجة أن كل طالب من هؤلاء الألف يقضى يومًا فى مدرسته، ويومًا آخر فى المصنع أو المؤسسة المتصلة بدراسته.. وهكذا على مدى السنوات الثلاث، التى إذا انقضت كان الطالب جاهزًا ليس على المستوى النظرى وحده، وإنما على المستوى العملى بالتوازى، وكانت سوق العمل فى انتظاره لتستقبله فى اليوم التالى للتخرج.. وما يحدث فى التعليم الفنى الصناعى يتكرر فى النوعين الآخرين، ويصبح التعليم الفنى بمدارسه الثلاث تعليمًا عصريًا كما تقول القواعد والأصول.
وليس سرًا أن بعض المؤسسات والمصانع عندنا بدأت هذا الطريق على مستواها، لكن ما بدأته هى يظل جهدًا فرديًا يتناثر هنا وهناك، ويظل ينتظر أن يتحول إلى جهد جماعى تتبناه الحكومة، ثم تطلب من وزارة التعليم أن تعممه فى مدارسها الفنية.
هذه هى الروشتة التى يتطوع بتقديمها الوزير أبوبكر الجندى، ولا أمل عنده سوى أن تجد روشتته مَنْ يتبناها لتتحول إلى واقع فى حياة الناس، لأننا أحوج ما نكون إلى ذلك، ولأن بلدنا ينتظر منا هذا ويتوقعه.