بقلم: سليمان جودة
هذا الفيلم لا يهم أهل الفن وحدهم، ولا حتى يتوجه إلى جمهور السينما وحده، لكنه يخاطب أهل السياسة بالدرجة نفسها، لأنه يخلط الفن مع أشياء أخرى.
الفيلم لم ينزل فى دور السينما العالمية بعد، وأمامه أيام ويكون فى متناول الجمهور، وسوف يكون على المشاهد أن يجلس فى مكانه ثلاث ساعات ليشاهده، ولا بد أن فيلما مثله يستحق ذلك لأن موضوعه هو روبرت أوبنهايمر الذى اشتهر بأنه: أبوالقنبلة الذرية.
وهذا الاسم يعرفه كثيرون حول العالم، لأنه أهم من أن ينساه أحد، ولأنه الرجل الذى كان سببا ذات يوم فى مصرع ما يزيد على ٢٠٠ ألف إنسان فى ثلاثة أيام.. والقصة أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت ترغب فى إنهاء الحرب العالمية الثانية بأى طريقة، وكانت قد طلبت من رجل الفيزياء أوبنهايمر أن يعكف على صناعة القنبلة الذرية قبل أن يتوصل إليها الألمان بزعامة هتلر.. وإذا كان هتلر قد دمر بلاده ومعها غالبية أوروبا بالسلاح التقليدى فقط، فإن لنا أن نتخيل حال العالم لو أنه وجد القنبلة الذرية بين يديه.
جلس أوبنهايمر مع فريق عمل كان يشاركه مهمته، وخرج للولايات المتحدة بالقنبلة الذرية جاهزة فى يده، وعندما قررت إدارة الرئيس الأمريكى، هارى ترومان، إنهاء الحرب الثانية، أرسلت طيارا يرمى مدينة هيروشيما اليابانية بالقنبلة التى صنعها أوبنهايمر.
كان ذلك فى صباح ٦ أغسطس ١٩٤٥، وكان عدد الذين ماتوا من أبناء المدينة فى لحظة إلقاء القنبلة قد وصل إلى ١٠٠ ألف يابانى.. وفى صباح ٩ من الشهر نفسه انطلقت طائرة أمريكية تحمل قنبلة أخرى، وحين قذفت بها مدينة نجازاكى مات ١١٠ آلاف آخرون!!.
والذين قرأوا هذا الصيف عن وصول درجة الحرارة فى كاليفورنيا إلى ٥٤ درجة، ربما لا يذكرون أن إلقاء القنبلة على المدينتين وصل بدرجة الحرارة فيهما إلى أربعة آلاف!!.
ماذا سوف يقول المخرج كريستوفر نولان فى الفيلم عن «أبوالقنبلة الذرية»؟.. هذا ما سوف يتابعه جمهور السينما، لكن أصحاب الضمير الحر فى العالم لن ينسوا أن أوبنهايمر هو الرجل الذى وظّف عقله فى الشر بلا حدود، وهو الذى فتح باب الجحيم على أهل الأرض، وهو الذى لم يٌكفّر عن ذنبه كما فعل ألفريد نوبل ذات يوم.