بقلم: سليمان جودة
عندما وقعت أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١ كانت ميدانًا للمزايدة والمتاجرة بلا حد، وكان لذلك ضحايا كثيرون من الوزراء والمسؤولين.
وكان المفروض أن يكون الدكتور مختار خطاب في المقدمة منهم، لا لشىء، إلا لأنه أولًا كان عضوًا في حكومة عاطف عبيد، التي لم تكن ذات سمعة سياسية جيدة لدى الرأى العام، بسبب موضوع الخصخصة على وجه التحديد، ولأنه ثانيًا كان وزيرًا لقطاع الأعمال العام المسؤولة عن ملف الخصخصة، بكل ما شاع بين المصريين عن هذا الملف، وبكل ما تراكم عنه بين الناس من انطباعات.
ولم يقصر أصحاب البلاغات الكيدية في الإبلاغ عن خطاب بشكل خاص، وتلقت أجهزة التحقيق بلاغًا، واثنين، وعشرة، وأكثر!.. وكلها كانت تتهمه.. وكانت المفارقة أنه لم يذهب إلى الحبس، ولا جرى استدعاؤه للتحقيق أصلًا!.
وكان هناك سببان، أولهما أنه آمن طوال سنواته الخمس في الوزارة بأن نقل الشركات العامة إلى الملكية الخاصة يجب أن يكون في إطار الشركات الخاسرة وحدها، فلم يتم بيع شركة رابحة في أيامه إلا الشركات التي كانت إجراءات بيعها قد بدأت قبل مجيئه إلى الوزارة.. وعندما دخل مكتبه وزيرًا تسلم ١٠٨ شركات خاسرة، ولكنه سلمها للوزير القادم من بعده ٥٤، وأصلح ٥٤ فأصبحت شركات رابحة.
وكان السبب الثانى أنه لسبب لا يعلمه، بدأ أثناء وجوده على كرسى الوزير في رصد تفاصيل عملية الخصخصة بشكل كامل، فكلف فريقًا بذلك تحت إشرافه، وكانت الحصيلة ٢٢٠ مجلدًا صدرت بالفعل، وجرى توزيعها على مختلف أجهزة الدولة، وفيها تم التوثيق لكل شركة خضعت للخصخصة منذ بدء برنامج الإصلاح الاقتصادى في ١٩٩١ عندما كان عاطف صدقى على رأس الحكومة.
التقى خطاب ذات مرة بالدكتور يوسف والى بعد خروجه من الحبس، فهمس والى في أذنه قائلًا: هل تعرف لماذا لم تذهب للسجن؟ وقبل أن يجيب كان يوسف والى قد قال: لأنك وثقت لكل شىء في المجلدات إياها.
والأهم أنه كان إذا وجد نفسه مضطرًا إلى بيع شركة من الشركات الخاسرة، اشترط على الشارى أن يحتفظ بالعمالة، وألا يغير نشاط الشركة، وأن يلتزم بتوريد باقى سعر الأرض للخزانة العامة إذا استغل الأرض في غير أغراض النشاط الصناعى.
هناك أمور ومبادئ مستقرة في عملية الخصخصة، وهى أمور ومبادئ لا بد أن تظل واضحة طوال الوقت، ومما قرأته في كتاب «تشابه أسماء» للدكتور مختار، أظن أن تجربته مع الخصخصة تحديدًا في حاجة إلى دراسة، لأنه لا دليل على التزامه فيها إلا موقفه القانونى القوى في مرحلة ما بعد ٢٥ يناير.