بقلم: سليمان جودة
نشرت الصحف الإنجليزية صورة للسير كير ستارمر، رئيس الحكومة البريطانية الجديد، وهو على سلم الطائرة متوجهًا إلى الولايات المتحدة لحضور قمة حلف شمال الأطلنطى، التى انعقدت فى واشنطن ٩ من هذا الشهر.
كانت الرحلة إلى أمريكا هى الأولى له إلى الخارج بعد مجيئه رئيسًا للحكومة، وكانت زوجته ڤيكتوريا ألكسندر ترافقه، وكانت صحافة إسرائيل ولا تزال تروّج لها وتركز على كونها يهودية الديانة، وكأن الهدف هو أن تمارس ڤيكتوريا تأثيرًا على سياسات ستارمر لصالح الدولة العبرية.
ولكن اللافت فى رئيس الحكومة الجديد وهو يغادر إلى العاصمة الأمريكية، أنه كان يحمل حقيبة أوراقه فى إحدى يديه، بينما كانت يده الأخرى فى يد الزوجة.. والذين يتابعون حركته منذ فاز حزب العمال برئاسته فى الانتخابات التى جرت ٤ يوليو، لا بد أنهم لاحظوا أن حقيبته هذه لا تفارقه، سواء وهو فى طريقه إلى مقابلة الملك تشارلز الثالث بعد فوز الحزب، أو وهو يذهب فى كل يوم إلى ١٠ داونينج ستريت حيث مقر إقامته ومقر الحكومة فى لندن.
وهو يحتضن الحقيبة كما يحتضن ابنه، ولا معنى لاصطحاب الحقيبة معه إلى كل مكان، إلا أنه يظل يذاكر أوراقه فى كل مكان وفى كل وقت.. فهو لا يكاد يستقر فى مقعده فى الطائرة مثلاً، حتى يكون قد حوّل المقعد إلى غرفة عمليات، وحتى يكون قد جلس يراجع ويدرس ويقرأ، وكأنه تلميذ ذاهب إلى امتحان.
ولأنه كذلك فإنه عندما سألوه فى اللحظة الأولى التى أصبح فيها على رأس الحكومة عن منهجه فى الحكم رد على الفور وقال: الوطن أولًا.. والحزب ثانيًا.
وهذا يعنى أن السباق الذى انتهى بفوز حزب العمال على حزب المحافظين، سوف يتحول فى المرحلة التالية إلى سباق من أجل الوطن، بدلًا من السباق من أجل فوز حزب على حزب، وهذا بالضبط ما قصده رئيس الحكومة وهو يقدم صالح الوطن ويؤخر مصالح الحزب.
فى الحالتين.. حالة الحقيبة وحالة العبارة التى سارع يرد بها على السؤال.. ترى نوعًا من الحيوية السياسية التى جاء بها حزب العمال إلى الحكم، وتلمح رغبة ظاهرة لدى رئيس الحكومة الجديد فى تغيير مستوى معيشة مواطنيه الإنجليز، وترى أن تبادل السلطة بين المحافظين والعمال أساسه الأفكار لا الأشخاص، وأن هذا ما يمنح بريطانيا موقعها بين الأمم.