ليس خانة فى بطاقة

ليس خانة فى بطاقة

ليس خانة فى بطاقة

 عمان اليوم -

ليس خانة فى بطاقة

بقلم: سليمان جودة

نعرف أن الأستاذ الإمام محمد عبده والأديب الروسى تولستوى عاشا معًا فى عصر واحد، وعندما رحل الأستاذ الإمام فى ١٩٠٥، كان ذلك قبل رحيل تولستوى بخمس سنوات.
ونعرف أنهما تبادلا الرسائل فيما بينهما، رغم أنهما لم يلتقيا وجهًا لوجه، ولكنهما التقيا على مستوى الأفكار، فكان كلاهما معجبًا بالآخر، وبطريقة تفكيره فى حياته، وبالقضايا التى تشغله منذ أن وعى وجوده فى الدنيا.

ولم يكن التواصل بينهما مرةً واحدة، ولكنهما تراسلا مرات ومرات، وكان الأستاذ الإمام يكتب الى تولستوى فيبدأ رسالته ويقول: «أيها الحكيم الجليل». أما تولستوى فكان إذا رد بدأ رسالته يقول: «صديقى العزيز».
لم تكن تجمعهما ديانة واحدة، ولم يكن هذا يشغلهما، وإنما كان الهَمّ الإنسانى هو الشغل الشاغل لكل واحد منهما فى مكانه.. ولم يكن تولستوى بعيدًا عن مثل هذا الهَمّ عندما وزع الكثير من أملاكه على الفقراء الروس.. فلقد كان من النبلاء الذين يملكون الكثير، وكان ينتسب فى الأصل إلى الإقطاعيين الذين يمتلكون مساحات واسعة من الأراضى، ولما وزعها على عدد من الفقراء غضبت عليه زوجته وظلت ساخطة، ولكنه لم يتراجع وكان يفكر كما يكتب، أو يتصرف وفق ما كان يقوله فى كتاباته من رؤى ووجهات نظر.. ولم يختلف غضب زوجته عليه عن غضب زوجة فيلسوف اليونان سقراط، التى عاشت تنغص عليه حياته، وتفسد عليه كل جلسة كان يقضيها مع تلاميذه.

أما الأستاذ الإمام فلم يكن هو الآخر بعيدًا عن الهَمّ الإنسانى مدى حياته، وعندما سافر إلى باريس بدعوة من أستاذه جمال الدين الأفغانى، راح يراقب سلوك الناس فى تفاصيل حياتهم، ومن هناك عاد وهو يردد عبارته التى اشتهر بها حين قال: «وجدت فى عاصمة النور مسلمين بلا إسلام، ووجدت فى بلادنا إسلامًا بلا مسلمين».

وكان المعنى أن الإسلام ليس خانة فى البطاقة الشخصية، وليس شعارًا ترفعه وأنت تمشى بين الناس، وليس كلامًا تقوله ثم تُعيد ترديده، ولكنه مجموعة من القيم التى إذا لم تكن حية ومستقرة فى المجتمع، وفى تعاملات كل واحد مع الآخر، فلا مجال لحديث عن المسلمين، الذين لما رجع «عبده» بقى يبحث عنهم فلم يجد منهم الكثير.

تشعر وأنت تقرأ كل رسالة من رسائل الأستاذ الإمام إلى تولستوى أنه كان يكتب كل رسائله إليه ولسان حاله يقول: هذا رجل مسلم بما يفعله فى حياته، وبما يحكمه من قيم فى سلوكياته، حتى ولو لم يكن يدين بديانة الإسلام.. كان يكتب رسائله إليه ولسان حاله يقول: خذوا عن هذا الرجل تعاطفه مع الإنسان حيث كان.

omantoday

GMT 05:48 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

المُنقضي والمُرتجَى

GMT 05:46 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

«طوفان الأقصى» و«ردع العدوان»: إغلاق النقاش وفتحه...

GMT 05:44 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

عام ليس ككل الأعوام

GMT 05:42 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 05:38 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

البحث عن المشروع العربي!

GMT 05:36 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

2025... العالم بين التوقعات والتنبؤات

GMT 05:30 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النقاش مستمر

GMT 05:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لا نملك إلا الأمل في عام 2025

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليس خانة فى بطاقة ليس خانة فى بطاقة



أحدث إطلالات أروى جودة جاذبة وغنية باللمسات الأنثوية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

إطلالات كيت ميدلتون أناقة وجاذبية لا تضاهى
 عمان اليوم - إطلالات كيت ميدلتون أناقة وجاذبية لا تضاهى

GMT 09:55 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أفضل الوجهات السياحية لعام 2025 اكتشف مغامرات جديدة حول العالم
 عمان اليوم - أفضل الوجهات السياحية لعام 2025 اكتشف مغامرات جديدة حول العالم

GMT 09:25 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024
 عمان اليوم - اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024

GMT 09:56 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

طرق فعالة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
 عمان اليوم - طرق فعالة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
 عمان اليوم - كريم عبد العزيز يتحدث عن الرقم واحد وهذا ما قاله عن هنا الزاهد

GMT 10:02 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 عمان اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:56 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

طرق فعالة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab