بقلم: سليمان جودة
فى السابع من هذا الشهر ألقى الرئيس الأمريكى جو بايدن ما يسمى «خطاب حالة الاتحاد»، وهو خطاب سنوى يلقيه سيد البيت الأبيض فى موعده الثابت، ويحدد فيه أمام الكونجرس أولويات العمل الوطنى لدى إدارته وأجندتها التشريعية. أما الاتحاد المقصود فى عنوان الخطاب، فهو الاتحاد الفيدرالى الذى يضم الولايات الأمريكية الخمسين، والذى كان قد انطلق فى ١٧٧٦، وكانت الولايات يومها ١٣ ولاية فقط لا غير.ورغم أن بايدن ألقاه من قبل أكثر من مرة، بحكم وجوده فى البيت الأبيض منذ ثلاث سنوات، إلا أنه جاء يلقيه هذه المرة فى ظروف تختلف تمامًا، عن الظروف التى خاطب فيها الناخب الأمريكى والعالم من ورائه فى المرات السابقة.
هذه المرة مختلفة لأن اللغط فى السنة الأخيرة زاد بشكل ملحوظ حول الحالة الصحية للرئيس، وبالتالى حول ما إذا كان يقوى على أن يكون رئيسًا لفترة رئاسية ثانية مدتها أربع سنوات.. وهى فترة تبدأ دائمًا فى آخر يناير التالى لنوڤمبر الذى ينطلق فيه السباق الرئاسى.
فالانتخابات ستجرى فى ٥ نوڤمبر من هذه السنة، وسيتم إعلان اسم المرشح الفائز فى الشهر نفسه، ولكن التنصيب الرسمى لا يكون إلا فى آخر يناير، الذى عندما يأتى سيكون بايدن قد تجاوز الثانية والثمانين من العمر بشهرين.
وعلى مدى سنة مضت أو أكثر، كان بايدن يقع فى زلات لسان مرة بعد المرة، وكان أحيانًا يتعثر فى مشيته فيسقط، وكان ذلك كله يتكرر منه ويلفت الانتباه إلى وضعه الصحى.. ورغم أن أى شاب يمكن أن يتعثر فى أثناء المشى، ويمكن أن يزل لسانه، إلا أن الأمر فى حالة الرئيس الأمريكى قد جرى تفسيره على أنه من تأثير السن المتقدمة التى بلغها الرجل.
ولذلك، بدا للذين تابعوا الخطاب، أن بايدن قد جاء يلقى خطابه أمام جلسة مشتركة للكونجرس، لا ليحدد أولويات إدارته فى العمل وفقط، كما جرت العادة فى كل مرات خطاب الاتحاد من قبل، ولكن ليشير بشكل غير مباشر إلى أن الذين يثيرون الأقاويل حول حالته الصحية ليسوا على صواب.. وإلا.. فماذا يريدون منه أكثر من أن يقف ملقيًا خطابه لمدة ساعة كاملة؟.
طبعًا كان هناك الجديد فى الخطاب، ومن بين الجديد أن بايدن عاد إلى حماسته القديمة لإسعاف أوكرانيا فى مواجهة روسيا، بعد أن كانت الولايات المتحدة قد بدت خلال أسابيع مضت، وكأنها فقدت حماستها الأولى فى مساعدة الأوكرانيين، ولكن هذا يظل موضوعًا آخر يمتلئ بالكثير من التفاصيل، ليتبقى أن الخطاب بدا وكأنه خطاب حالة الرئيس الصحية، لا حالة الاتحاد من حيث أحوال الأمة الأمريكية فى العموم!.