بقلم: سليمان جودة
هذه السنة حصل موضوع الذكاء الاصطناعى على نصيب الأسد فى جوائز نوبل، التى يجرى الإعلان عنها فى هذا الشهر من كل عام.
فقبل ساعات جرى الإعلان عن الفائزين بالجائزة فى فرع الكيمياء، وكانت من نصيب اثنين أمريكيين هما جون جامبر وديڤيد بيكر، وثالث بريطانى هو ديميس هاسابيس، وكان موضوعهم الفائز أنهم اخترقوا عالم البروتينات اعتماداً على الذكاء الاصطناعى.
وفى صباح الأربعاء كانت الجائزة فى الفيزياء من نصيب الأمريكى جيڤرى هينتون والبريطانى الكندى جون هوبفيلد، وكان الموضوع الفائز هو التعلم الآلى المستخدم فى تطوير الذكاء الاصطناعى.. وقبلهما بيوم واحد حصل الأمريكيان فيكتور أمبروس وجارى روفكوى على نوبل فى الطب عن بحث لهما فى تنظيم نشاط الجينات.
يتبقى أن نتعرف خلال ساعات قادمة على الفائزين فى الاقتصاد، وفى السلام، وفى الأدب، الذى لايزال لدى العرب أمل فى أن يحصل عليها فيه أديب عربى آخر بخلاف نجيب محفوظ.. أما جائزة السلام التى ذهبت إلى السادات من قبل، فلقد تواترت أنباء عن ذهابها هذه السنة إلى أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، تقديراً لموقفه الرجولى من الحرب على غزة.
وإذا كانت الجائزة ستة فروع، فإن الثلاثة التى جرى الإعلان عن الفائزين فيها كانت أمريكية بريطانية بامتياز.. فكأنها فى الطب والفيزياء والكيمياء جائزة أمريكية بريطانية، لا جائزة عالمية مُتاحة لشتى علماء الأرض!.. إن السبعة علماء الذين فازوا بها فى الفروع الثلاثة أمريكيون وبريطانيون باستثناء واحد فقط نصفه بريطانى ونصفه كندى!.
ولذلك يمكن القول إن نصيب الأسد فيها ليس للذكاء الاصطناعى وحده كموضوع، ولكنه للأمريكيين والبريطانيين وحدهم كأسماء، فكأن اتفاقًا غير مكتوب قضى بأن تكون جائزة الفروع الثلاثة من نصيبهم وحدهم بغير منافس.
ولا أظن أن هناك مجاملة فى هذا الأمر.. فالمجاملة أتصورها فى السلام وفى جائزة الأدب فى الكثير من الحالات.. ولكن منح الجائزة فى الطب والفيزياء والكيمياء والإقتصاد، لا بد أنه يتم بناء على تقدير علمى لا مجاملة فيه ولا انحياز.. فإذا شئنا أن نتعرف على السبب فعلينا أن نعرف حجم الإنفاق العام لدى الأمريكيين والبريطانيين، ثم لدى دول الغرب عموما، على التعليم وعلى البحث العلمى.. لقد كان الفيلسوف أفلاطون يقول فى جمهوريته المثالية التى بناها على الورق أن «الدولة برجالها والأمة بآحادها».. ولا يزال الآحاد فى تلك الدول متعلمين.