بقلم: سليمان جودة
لا تفسير لما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية عن يسرائيل كاتس، وزير خارجية إسرائيل، إلا أنه قد أدان بلاده من حيث يدرى أو من حيث لا يدرى!.
فالمعركة الكلامية دائرة منذ أيام بين الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، وبين عدد من المسؤولين فى الدولة العبرية، بينهم الوزير كاتس.. وكان السبب أن أردوغان قال فى اندفاعة حماسية، إن تركيا مستعدة للتدخل فى إسرائيل لوقف جرائمها ضد الأطفال والنساء والمدنيين فى قطاع غزة، كما سبق أن تدخلت فى ليبيا وفى سواها من الدول.
وما كاد الرجل يقول هذا الكلام حتى قامت الدنيا ضده فى تل أبيب ولاتزال، ولم تقتصر الدنيا القائمة هناك على دائرة الحكومة وحدها، ولكن تجاوزتها إلى المعارضة نفسها.. فقال يائير لابيد، زعيم المعارضة الإسرائيلية، إن الرئيس التركى يمثل خطرا على الشرق الأوسط.
هذا كلام عادى من جانب زعيم المعارضة الإسرائيلية، رغم ما يبدو عليه من قوة فى العبارات وفى التحريض على تركيا.
ولكن الوزير كاتس ذهب إلى مدى أبعد بكثير فى الرد، فقال إن أردوغان يمشى على خُطى الرئيس العراقى السابق صدام حسين، الذى كان قد هدد بمهاجمة إسرائيل.
أما هذا الكلام على لسان وزير خارجية إسرائيل فهو جديد لا شك، لأننا نعرف أن صدام هدد بمهاجمة إسرائيل بالفعل ذات يوم، ونذكر أنه وقف يستعرض مدفعا لهذا الغرض، ونعرف أيضا أن الولايات المتحدة بادرت فهاجمته هى قبل أن يهاجم هو إسرائيل، ولم تهاجمه إدارة الرئيس بوش الابن وفقط، لكنها دخلت بلاده، وسرّحت جيشه، وحطمت العراق، ونشرت الطائفية فى كل ركن فيه!.
نعرف هذا كله منذ الهجوم الأمريكى على العراق، إلى إسقاط صدام، إلى إعدامه، إلى بقية التفاصيل المحزنة فى بلاد الرافدين.. لكننا لم نكن نعرف أن إسرائيل كانت فى القلب من الموضوع على هذه الصورة التى كشفها يسرائيل كاتس بلسانه، فأدان بلاده بأثر رجعى، وأدان نفسه طبعا، ثم إنه قد عرّى تل أبيب أمام كل عراقى يتألم فى بغداد وهو يرى ما أصاب العراق، ويكتشف أن الأمريكيين لم يكونوا وحدهم فيما أصاب عاصمة الرشيد.