بقلم: سليمان جودة
لا يزال الشيخ ماهر المعيقلى، إمام الحرم المكى، واحدًا من أجمل الأصوات في تلاوة القرآن الكريم، والذين زاروا الحرم لا بد أنهم يجدون حلاوة صوته في آذانهم إلى الآن.. ولا أظن أن صوتًا آخر في السعودية ينافسه في طلاوة التلاوة التي لا تخطئها الأُذن، ولا في خشوعها، ولا في الظلال الإيمانية التي تملأ المكان كلما تلا الرجل شيئًا من القرآن، وقد أفاض الله عليه بعطاء من عنده، فجعل صوته علامة من علامات الحرم الباقية.
يمكنك أن تميل إلى إلى صوت آخر من مشاهير المقرئين، ولكنك ستجد صوت الشيخ المعيقلى مختلفًا، وستحبه إذا سمعته للمرة الأولى، وستجد أنك تتعلق به وتحن إليه، وستكتشف أنه يطير بك إلى سماء عالية وهو يتلو، وأنه يبدع في نطق المد في الكلمات كما لا يبدع سواه من المقرئين العظام.
وحين يتردد صوته في جنبات الحرم، وفى غرف الفنادق المحيطة به، وفى أرجاء المكان على اتساعه، فهو يضيف للذين يطوفون، أو يتعبدون، خشوعًا فوق الخشوع الذي يشمل الحرم من كل اتجاه، ويأخذ السامع إلى أجواء روحانية خالصة، وتشعر وهو يمضى في التلاوة وكأنه يتلو القرآن بالنَّضَارة التي نزل بها يوم تلقَّاه الرسول الكريم، عليه الصلاة والسلام.
وعندما كان يصلى بالناس يوم الجمعة أصابته وعكة؛ فعجز عن استكمال الصلاة، وتقدم الشيخ عبدالرحمن السديس ليكملها بدلًا منه، وطار الخبر في كل مكان، وتحول إلى قصة يتداولها رواد مواقع التواصل، الذين أمطروه بدعوات الشفاء العاجل.
ولم يعجبنى في الدعوات أنها تدعو بشفائه ثم شفاء مرضى المسلمين.. فالدعوة يجب أن تكون لكل مريض، وليس من اللائق أن تستثنى جانبًا من المرضى لمجرد أنهم يؤمنون بدين آخر.. هذه عنصرية في الدعاء غير مقبولة، وغير مستساغة، وغير مستحبة، ولا يليق بمسلم أن يدعو لمرضى المسلمين، ثم لا يرى المرضى في بقية الأديان.
أدعو الله أن يشفى الشيخ ماهر، وأن يزيده من عطاياه، وأن ينعم عليه بشىء من عظمة القرآن، وعلى محبيه بشىء من سماحة صوته، فلا يخصوا مرضى المسلمين بالدعاء، لأن هذا ليس من خُلُق القرآن، ولا من روحه، ولا مما جاء يدعو الناس إليه.. ثم إننى أدعوك إلى سماع الرجل، وسوف تراه صوتًا من الجنة.