بقلم - سليمان جودة
غدًا سوف يكون عام كامل قد مضى على الحرب فى السودان، وغدًا أيضًا سوف ينعقد «مؤتمر باريس» الذى دعت إليه فرنسا حول هذه الحرب.
ورغم أن هذا ليس المؤتمر الأول حول موضوعه، ولن يكون الأخير فى الغالب، فإنه ينفرد بشىء لم يكن موجودًا فى المؤتمرات السابقة، التى تعرضت للشأن السودانى فى ظل الحرب، ولن يكون قائمًا فى المؤتمرات المقبلة حول الموضوع نفسه.. هذا الشىء هو أن السودان ليس مدعوًّا إليه، ولن يجلس وزير خارجيته بين وزراء الخارجية المدعوين فى عاصمة النور!.
وإذا شئنا الدقة قلنا إن الحكومة الفرنسية دعت الدكتور عبدالله حمدوك، رئيس وزراء السودان السابق، ولكنها دعته بصفته رئيسًا لما يسمى «تنسيقية التقدم»، وليس باعتباره رئيسًا سابقًا للحكومة فى الخرطوم.
وليست تنسيقية التقدم سوى هيئة مدنية كبيرة يترأسها الرجل، وقد حاول من موقعه على رأسها وقف الحرب، فلم يسعفه الطرفان المتقاتلان، وحاول الجمع بين عبدالفتاح البرهان، قائد الجيش السودانى، ومحمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع، التى تقاتل الجيش ويقاتلها على مدى سنة، فلم ينجح فى شىء من مسعاه.
وعندما تدعوه باريس ولا تدعو البرهان ولا حميدتى، ففى هذا إشارة كافية إلى قناعات المؤتمر، وفى هذا كذلك دليل على أن فرنسا ترى البرهان وحميدتى مسؤولين معًا عن الحرب، التى حولت الملايين من السودانيين إما إلى نازحين داخل البلد، وإما إلى لاجئين فى الدول المجاورة.. وفى الحالتين صار الجوع عنوانًا للسودان وأهله، بشهادة شبه يومية من منظمة الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة المعنية بالجوعى حول العالم.
والسؤال هو كالتالى: لماذا بادرت فرنسا إلى الدعوة لمثل هذا المؤتمر، رغم أن السودان ليس من بين مناطق النفوذ التاريخية لها، ولا هو من بين المستعمرات الفرنسية السابقة؟.
ظنى أن حكومة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون تسعى من خلال المؤتمر إلى أن تعوض بعض خسارتها فى القارة السمراء، فليس سرًّا أن النفوذ الفرنسى التقليدى فى القارة إلى تراجع ملحوظ منذ فترة فى أكثر من دولة من دول إفريقيا، وقد كانت النيجر مثالًا صارخًا على ذلك فى صيف السنة الماضية.مؤتمر باريس عن السودان له ظاهر عن السودان وأحواله منذ بدء الحرب، أما الباطن فموضوع آخر يخص فرنسا ونفوذها، ويشغلها فى كل يوم.