بقلم: سليمان جودة
هل كانت بهجة رمضان فى هذا العام مثلها فى كل عام سابق؟ وهل جاء العيد بالبهجة التى كانت ترافق مجيئه فى كل سنة ماضية؟.
الغالب أن البهجة فى الحالتين كانت غيرها فيما انقضى من سنين، لا لشىء، إلا لأن الفرحة تحتاج دائمًا إلى أجواء تحتضنها فتعيش فيها.. ولم يكن من الممكن أن يحدث هذا، بينما القتل فى قطاع غزة هواء يتنفسه أطفال ونساء القطاع.
حاول المصريون أن يعيشوا رمضان كما اعتادوا أن يعيشوه من قبل، وحاولوا أن يستقبلوه كما دأبوا على استقباله فى كل مرة بحفاوة جعلته دائمًا يختلف فى المحروسة عنه فى أى بلد سواها.. فلا يزال رمضان فى قاهرة المعز مختلفًا عنه فى بقية العواصم، وهذا شىء يشعر به الذين صاموا الشهر هنا، ثم صاموه فى الخارج، كما أنه شىء معنوى تستشعره ولا تراه ولا تستطيع الإمساك به.. ولكنك هذه السنة كنت تشعر بأن حفاوة استقباله ينقصها شىء، وبأن بهجته التى تغمر البلد فى العادة ليست هى البهجة التى عاش الناس يعرفونها.
وما يقال عنه يقال عن العيد أيضًا، لأن انفصال الناس عما يتابعونه فى أرض فلسطين ليس ممكنًا، وليس بهذه السهولة، ولا هو يتحقق بضغطة زر، أو بكبسة زر كما يقول إخواننا فى أرض الشام.. فالفرح حالة تنتشر كأنها العدوى، ولا يمكن أن يكون القتلى من الغزويين قد تجاوز عددهم الثلاثين ألفًا ثم يكون لعدوى الفرح مكان.
وعندما وافق يوم السابع من أبريل أحد أيام شهر الصيام الأخيرة، كان ذلك من دواعى الألم، لأن هذا اليوم قد جاء ليقول إن الحرب على غزة قد أتمت شهرها السادس ودخلت الشهر السابع، وأن هذا لم يحدث من قبل فى كل الحروب التى قادتها الدولة العبرية على أهل القطاع.
ولم يكن غريبًا أن يكون الدعاء للغزويين بندًا لا يتغير فى صلاة التراويح، أو فى صلوات الجمعة على مدى الشهر.. ومع الدعاء والدعوات كان هناك الكثير من البكاء.. فالمصلون وجدوا أنفسهم عاجزين عن فعل أى شيء للذين تقتلهم إسرائيل هناك بغير رحمة، ولم يجدوا لديهم شيئًا يقدمونه سوى أن يهرعوا إلى السماء لعلها تستجيب.
السرقة حرام فى كل دين، ولا نقاش فى أن ما تأخذه مما ليس لك هو حرام، ولكن سرقة شىء من البهجة أظن أنها ليست حرامًا، وهذا ما حاول أن يفعله كل مصرى، وكل عربى، وكل مسلم، بل كل انسان، وقد كانوا جميعًا يحتالون فى ذلك بشتى الطرق، لأن الأجواء من حولهم لم تكن مسعفة، ولأن آلة القتل فى غزة لم تكن تبالى.