الصورة من الخان

الصورة من الخان

الصورة من الخان

 عمان اليوم -

الصورة من الخان

بقلم: سليمان جودة

لا شىء أقوى من الصورة على نقل الواقع الحى وهو ينبض إلى الناس، وبعض الصور لا يحتاج إلى كلمات لشرح المضمون، بل إن الكلام الشارح قد يُفسد المعنى الذي يحمله مضمون الصورة في الكثير من الأحيان.

من هذه الصور لقطة أخذها مصور وكالة «رويترز»، محمد سالم، لامرأة فلسطينية اسمها إيناس أبومعمر، وفى اللقطة ظهرت المرأة وهى تحتضن جثمانًا صغيرًا ملفوفًا في كفن أبيض.. ومن التفاصيل نعرف أن الجثمان لابنة شقيقها، وأن الابنة في الخامسة من العمر، وأن اسمها سالى، وأن يد الغدر الإسرائيلية كانت لها بالمرصاد.

بَدَت السيدة إيناس وهى تدفن رأسها في الجثمان الأخضر، وكانت تضمه إلى صدرها بقوة فكأن جسدها وجثمان ابنة شقيقها كيان واحد، وفى الصورة كان الجسد والجثمان تجسيدًا للحياة والموت في إطار جامع، وكان جثمان الطفلة يبدو مشدودًا في كفنه، وكأنه يأبى في موته إلا أن يحتفظ بالكبرياء الفلسطينى الذي لايزال هو العنوان في فلسطين. كانت سالى قد سقطت شهيدة في غارة إسرائيلية على خان يونس في جنوب قطاع غزة، وكانت قد فقدت حياتها في لحظتها فنقلوها إلى مشرحة في الخان، فلما بحثوا عن الأهل يتسلمون الجثمان لم يجدوا غير عمّتها إيناس، التي أحاطت جثمان ابنة الشقيق بيديها، ثم تساندت على بعضها أمام المشرحة وأخفت وجهها في أحضان البنت الصغيرة، ومن بعدها انخرطت في بكاء صامت فبلّلت الكفن الأبيض بالدموع!

كانت الصغيرة سالى أقرب ما تكون إلى محمد الدرة، الذي راح يحتمى بأبيه من رصاصات المحتل في الصورة الشهيرة خلال انتفاضة الأقصى عام ٢٠٠٠، ولانزال نذكر كيف احتمى الدرة الأب والابن بجدار أسمنتى، فلم يشفع لهما ذلك في شىء، وتمزق جسد الابن بالرصاص الذي كان يلاحقهما في مخبئهما خلف الجدار.

وسوف تبقى الصورتان محفورتين في كل ذاكرة، وسوف تظل صورة أبومعمر، مع صورة الدرة، مع صور أخرى من نوعهما، سجلًا حيًا لنضال أبناء أرض فلسطين، وسوف تبقى كل هذه الصور لتقول إن الأرض التي أنبتت كل هذا الوجع لن تهدأ حتى تكون لأهلها من الفلسطينيين. صورة إيناس أبومعمر عبارة عن لوحة لمحنة وطن مرسومة بالدم، لا بالألوان التي نعرفها في كل اللوحات، تمامًا كما جرى من قبل في صورة الصغير محمد الدرة.. وما لا تفهمه إسرائيل أن في الصورتين معنًى يستعصى على النسيان، وأن المعنى يقول إن القضية التي تعيش على وقود من حياة أهلها هي قضية لا تموت.

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصورة من الخان الصورة من الخان



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 20:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
 عمان اليوم - علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 14:38 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab