لأنه المسجد العُمري

لأنه المسجد العُمري

لأنه المسجد العُمري

 عمان اليوم -

لأنه المسجد العُمري

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

سوف يكتب التاريخ أن الثامن من ديسمبر كان شاهدًا على استهداف المسجد العُمرى فى قطاع غزة، وأن قوات الاحتلال الإسرائيلى استهدفته وهى تعرف ماذا تفعل وماذا أيضًا تستهدف؟.. ولم يكن هو المسجد الأول الذى تستهدفه القوات الإسرائيلية المحتلة فى أنحاء القطاع، فمن قبله استهدفت ١٠٣ مساجد وثلاث كنائس!.

ولكن المسجد العمرى يظل يمثل رمزية خاصة لدى الغزاويين، لأنه المسجد الأكبر والأقدم فى مُدن القطاع كلها، ولأنه ارتبط عبر تاريخه بالخليفة الراشد الثانى عمر بن الخطاب، ولأنه على هذا الأساس ليس مجرد دار للعبادة، ولكنه قطعة حية من تاريخ فلسطين.. قطعة حية يتوارثها الأبناء، عن الآباء، عن الأجداد، ويجد فيها كل جيل شيئًا يخصه ويتصل بوجدانه.

وعندما نقلت وكالة «رويترز» للأخبار نبأ استهدافه، فإنها فعلت ذلك وهى تلفت الانتباه إلى أن المسجد ليس كأى مسجد فى غزة، وأن قيمته تختلف فى نظر كل غزاوى عن قيمة كل دار عبادة أخرى سواه، وأن الاحتلال وهو يستهدفه كان يستهدف تاريخ فلسطين، أكثر مما يستهدف مجرد مبنى بجدرانه، ونقوشه، وقبابه، ومآذنه.

إن الإسرائيليين يتخيلون أن أرض فلسطين هى أرض الميعاد بالنسبة لهم، وعلى هذا الأساس كانوا قد توافدوا إليها منذ وعد بلفور ١٩١٧، ومنذ مؤتمر الحركة الصهيونية الذى دعا إليه النمساوى تيودور هرتزل فى بازل السويسرية ١٨٩٧.

جاء اليهود بعد المؤتمر، ثم بعد الوعد، وفى خيالهم أوهام الميعاد تداعب سرابًا فى داخلهم، وقد خلطوا الدين بالسياسة يوم جاءوا ولا يزالون، ولكن دوافع الدين كانت حاضرة فى المجىء، ربما بأكثر من عوامل السياسة نفسها، لأن السياسة إذا كانت قد دارت حول فكرة البحث عن وطن بديل لهم، فالدين كان يصور لهم أن هذه الأرض الفلسطينية هى أرضهم لأسباب تعود إلى ديانتهم القديمة يوم جاء بها موسى عليه السلام.

وأعمال الحفر التى لا يتوقفون عنها فى القدس بحثًا عن الهيكل المزعوم، هى فى حقيقتها ظل من ظلال الميعاد الذى عاشوا ويعيشون عليه.. إنهم يطاردونه فى القدس على وجه الخصوص، وفى كامل أرض فلسطين على وجه العموم، ولكنهم يعرفون بينهم وبين أنفسهم أن هذه ليست أرضهم، وأنها أرض لها صاحب حقيقى، وأن صاحبها هو كل فلسطينى من عكا فى أقصى الشمال، إلى النقب فى أقصى الجنوب.

ولهذا.. يؤرقهم أن يكون لصاحب الأرض تاريخ على أرضه، ويقض مضجعهم أن تكون هناك شواهد على هذا التاريخ، ويؤلمهم أن تكون الشواهد ذات تاريخ ممتد مثل المسجد العمرى، أو تكون من نوع كنيسة القيامة فى القدس، أو كنيسة المهد فى بيت لحم، أو كنيسة البشارة فى الناصرة، حيث وُلد المسيح عليه السلام وعاش.. يؤرقهم هذا، ويؤلمهم، ويقض مضجعهم، ولكنه الحقيقة التى تنطق بها شواهد من نوع المسجد العُمرى حتى ولو استهدفوه مائة مرة.

omantoday

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

هوامش قمة البحرين

GMT 08:30 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 08:29 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 08:28 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لأنه المسجد العُمري لأنه المسجد العُمري



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 20:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
 عمان اليوم - علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 14:38 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab