بقلم: سليمان جودة
تتسابق الصحف الإسرائيلية فى الكلام عن حرب أكتوبر، وتستضيف الرموز الباقية من تلك الأيام، وتفرد لذلك مساحات كبيرة يوماً بعد يوم.
وقد رأينا كيف استضافت صحيفة «معاريف» هنرى كيسنجر، أشهر وزراء الخارجية ومستشارى الأمن القومى فى الولايات المتحدة، والذى يصفه المشير الجمسى فى مذكراته بأنه كان: رجل إسرائيل الأول فى الإدارة الأمريكية.
وقد كان كذلك بالفعل، وإلا، فما معنى أن يوقظه السفير الاسرائيلى فى واشنطون الثالثة فجراً عندما قامت الحرب ليبلغه بمطالب بلاده من السلاح؟.. كان السفير لا يتردد فى إيقاظه فى أى وقت، وكان هو لا يتبرم ولا يصيبه أى ازعاج، وكأن الذى أيقظه ابنه مثلاً أو ابنته، وليس سفير دولة أخرى فى الولايات المتحدة.
كتب الله من العمر لكيسنجر ليعيش حتى يتجاوز المائة، وحتى يشهد العيد الذهبى لحرب أكتوبر، ثم يقول كلاماً لا يكشف إلا عن انحيازه السافر إلى تل أبيب، وعن أنه عاش موزّع الولاء والهوى بين بلده وبين إسرائيل، فكان فى مرة يخشى أن ينهزم السلاح الأمريكى أمام السلاح السوڤييتى، ويرتعد وهو يتصور أن هذا يمكن أن يحدث، وكان فى مرة ثانية كما ذكر فى معاريف يخشى أن تنهزم اسرائيل أمام مصر، فيسارع إلى تحريض نيكسون على إمداد الاسرائيليين بكل ما يحتاجونه من سلاح، وكان لا يكتفى بذلك، وإنما كان يؤكد لهم أنه سيعوضهم عن كل ما خسروه منذ بدء الحرب!.
آخر الذين أفردت لهم الصحافة هناك مساحة واسعة كان إيلى زعيرا، رئيس المخابرات العسكرية فى وقت الحرب، والذى وصل إلى السادسة والتسعين من العمر، وتكلم فى صحيفة «يديعوت أحرونوت» عما كان عندما عبر المصريون القناة بشجاعة غير مسبوقة.
يقول «زعيرا» كلاماً كثيراً، ويكشف ما رصدته الوحدة ٨٢٠٠ إحدى وحدات المخابرات العسكرية قبل اشتعال الحرب بساعات، ولكن اللافت فعلاً هو حديثه عن الرئيس السادات، وعن أنه يراه عبقرياً من عباقرة الزمان فى السياسة وفى الحرب معاً.
السادات ليس فى حاجة إلى شهادة من زعيرا، فما حققه يتكفل بالشهادة فى حقه فى كل وقت، ولكن الذى يلفت النظر أن هزيمة مخابرات زعيرا أمام السادات لم تمنعه من الشهادة التى يراها فى حق الرجل