بقلم: سليمان جودة
رغم أن رد بغداد على اعتداءات تركيا فى الشمال العراقى- كان باللغة التى تفهمها أنقرة ولا تفهم سواها، إلا أنى تمنيت لو أن الرد جاء على طريقة العين بالعين والبادى أظلم!
والقصة بدأت الأربعاء عندما قصف الأتراك وحدة عسكرية شمال العراق، فأسقطوا ضابطين عراقيين وسائقهما فى الحال!
فى الماضى كانت اعتداءات من هذا النوع تقع ثم تتكرر ثم تمر، ولم تكن تصادف الرد العراقى الذى يردع أردوغان ويجعله يدرك أن تكرار الاعتداء سوف تكون له عواقبه التى ربما لا يجدها فى طاقته على الاحتمال.. ولكن فى هذه المرة تصرفت حكومة مصطفى الكاظمى فى العاصمة العراقية بشكل مختلف!
وكان وجه الاختلاف أن زيارة لوزير الدفاع التركى خلوصى آكار كانت مقررة إلى بغداد يوم الخميس، قد جرى إلغاؤها من جانب العراق على الفور.. ثم استدعت الخارجية العراقية السفير التركى وأبلغته شيئين اثنين، أولهما احتجاج شديد اللهجة على استهداف الضابطين والسائق، وثانيهما أن وقوع أى حادث مماثل فى المستقبل سوف يؤدى إلى مراجعة العلاقة بين البلدين على كل المستويات!
وعندما تتحدث وزارة الخارجية فى أى عاصمة مع سفير أجنبى، فاللهجة الدبلوماسية تظل هى الغالبة، ولكنها تظل مُحمّلة بأكثر من «رسالة سياسية» يراد توصيلها بصراحة ووضوح.. والمعنى أن على بلد أى سفير يتم إبلاغه بما تم إبلاغ السفير التركى به، أن يفهم أن التلويح بمراجعة العلاقة على كل مستوياتها، له ما بعده بالضرورة من خطوات التصعيد المتاحة!
والحاصل أن هذا وحده هو ما يستوعبه الرئيس التركى.. أما الدليل فهو أن ألمانيا لما أرسلت إليه ما يفيد بأن ذهاب أسطوله الى داخل حدود اليونان البحرية معناه الحرب مع الاتحاد الأوربى، فإنه قد أصدر توجيهاته بسحب الأسطول دون فصال!
وحين قال الرئيس السيسى إن محور «سرت الجفرة» فى ليبيا خط أحمر، راح وزير الخارجية التركى مولود جاويش يتحدث عن أن بلاده لا ترغب فى مواجهة مع مصر فوق الأراضى الليبية!.. ولذلك.. تمنيت لو أن قصفًا عراقيًّا فى المقابل قد أسقط ضباطًا وجنودًا على الأراضى التركية، لعل أنقرة تدرك أن الضابطين والسائق عرب لهم صاحب!