بقلم: سليمان جودة
لا يدارى رئيس حكومة التطرف فى تل أبيب أنه يحارب على ست جبهات، وعندما وقف على منصة الأمم المتحدة يوم 27 سبتمبر، ذكر الجبهات وأحصاها أمام الحاضرين.
ورغم أنه خطب أمام قاعة شبه خالية، لأن غالبية الوفود غادرتها بمجرد صعوده إلى المنصة، إلا أن ذلك لم يجعله يتراجع عما فى رأسه، ولم يجعله يلاحظ أنه يخطب أمام نفسه تقريبا، ولا جعله يراجع ما كان قد ذهب يقوله.
الجبهات الست هى جبهة قطاع غزة التى يقاتلها ويقتلها هو منذ أكثر من سنة، ثم جبهة الضفة الغربية التى لا يخرج منها إلا ليعود إليها، وجبهة جنوب لبنان التى أدى قتاله فيها إلى نزوح مليون لبنانى كما جاء على لسان نجيب ميقاتى رئيس الحكومة فى بيروت.
تتبقى جبهة الجماعة الحوثية فى اليمن، التى كلما أرسلت صاروخا إلى تل أبيب، فر الإسرائيليون أمامه إلى الخنادق والملاجئ.. ومن بعد هذه الجبهة جبهتان: واحدة فى سوريا، والثانية فى العراق، حيث تتواجد فصائل وميليشيات لا تخفى ولاءها لإيران، وتقول إنها مستعدة لقذف إسرائيل بالصواريخ فى الوقت المناسب.
والجبهات الست هواها إيرانى فى الغالب، اللهم إلا جبهة الضفة الغربية التى لما هاجمها جيش الاحتلال قبل أيام قال إن سلاحا إيرانيا يتسلل إليها عبر الأردن، ولم يكن ذلك صحيحا، ولم يتوفر عليه أى دليل، ولا تزال القاعدة القانونية الثابتة أن «البينة على مَنْ ادعى واليمين على مَنْ أنكر».. صحيح أنها قاعدة للأفراد، لكن لا يوجد ما يمنع سريانها على الدول.
وحين أعلن رئيس حكومة التطرف هذه الخريطة للجبهات التى يحارب على بعضها، ويتصور أنه سيحارب على بعضها الآخر، لم تعلق إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن فى واشنطن، مع أن امتداد الحرب على الجبهات الست يهدد المصالح الأمريكية فى المنطقة.. وكأن المصالح الإسرائيلية أصبحت تتقدم على مثيلتها الأمريكية.. هذا طبعا بافتراض أن قتال تل أبيب على هذه الجبهات كلها يحمل مصلحة لها.
فلما هاجمت إيران إسرائيل أول أكتوبر قالت الثانية إنها لن تترك الهجوم دون رد، ولاتزال تقول إنها تتهيأ وتجهز ردها.. هنا استفاق بايدن وخاطب رئيس حكومة التطرف بما معناه أنه إذا كان لابد من الرد المرتقب فليكن بعيدا عن المنشآت النفطية.. وكأن هذا هو كل ما يهمه فى الموضوع.. وهذا هو فعلا كل ما يهمه لأن استهداف مثل هذه المنشآت سيؤدى إلى ارتفاع سعر النفط، فإذا ارتفع عاد بالسلب على جيب الناخب الأمريكى، الذى يحتاجه الديمقراطيون فى واشنطن لإنجاح كامالا هاريس فى سباق البيت الأبيض.. فإذا نجحت هاريس فليكن بعد ذلك ما يكون.