بقلم: سليمان جودة
ألف باء التوسط بين طرفين متصارعين، ألا تميل إلى واحد على حساب الآخر، لأن الانحياز من شأنه أن يُفسد الوساطة كلها.
ولكن هذا ما لم يدركه موسى فقى، رئيس المفوضية الإفريقية، وهو يتوسط من مقر المفوضية فى أديس أبابا، بين الجيش السودانى، وقوات الدعم السريع التى خرجت على الجيش تقاتله منذ ١٥ إبريل الماضى.
وكان من الطبيعى أن يشتد غضب الحكومة فى الخرطوم، وأن يخرج عنها بيان يعرى انحياز المفوضية، التى استقبل رئيسها مستشارا لرئيس الدعم السريع، فكان وكأنه يساوى بين الطرفين مع أنهما ليسا سواء، لأنك لا يمكن أن تساوى بين ميليشيا وجيش.
قد يقال إن جدة استقبلت ممثلا للدعم السريع، ولم تتعرض لمثل هذا الاتهام، وهذا بالطبع غير صحيح، لأن الحكومة السعودية عندما استقبلت ممثل قوات الدعم، استقبلت معه على المائدة نفسها ممثل الجيش السودانى، ولم يكن هناك مجال والحال هكذا للحديث عن ميل سعودى إلى طرف على حساب طرف.. ولكن المفوضية لم تستقبل طرفا دون طرف وفقط، وإنما ساوت بين ما لا يمكن المساواة بينهما فى كل الأحوال.
إن المفوضية تظل الذراع الفاعلة للاتحاد الإفريقى، تماما مثل حال المفوضية الأوروبية مع الاتحاد الأوروبى، لكن القارة السمراء كانت سيئة الحظ مع مفوضية أديس أبابا، لأنها لم تقدم ما ينفى سوء الحظ ولا ما يبدده، من أول تقاعسها فى ملف سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا، إلى انحيازها فى ملف الحرب السودانية.
وفى أول هذه الحرب كانت المفوضية قد أعلنت عن أن وفدا منها سيتوجه إلى الخرطوم للعمل على وقفها، ثم لم نسمع عن الوفد حسا ولا خبرا، ولم يكن حظ الحرب فى السودان مع مفوضية موسى فقى بأفضل من حظ السد معها.
إذا لم يكن للمفوضية أثر فى سد النهضة، ولا فى هذه الحرب التى تدمر ثروات ومقدرات السودانيين، فمتى يكون لها أثر نراه؟.. وإذا لم يجد فقى فى الحالتين ما يغريه بأن يلعب دورا نذكره له وللاتحاد الذى يتبعه، فمتى سنذكر له شيئا باقيا فى القارة السمراء؟.