بقلم : سليمان جودة
استقل الرئيس الكورى الشمالى قطارًا مصفحًا ليلتقى مع الرئيس الروسى فى شرق روسيا، وليس معروفًا ما إذا كان الرئيس الكورى يخاف ركوب الطائرات ويتشاءم منها مثل أبيه، أم أنه فقط يفضل القطار على الطائرة!.
وقد حظى لقاؤهما باهتمام عالمى، لا لشىء، إلا لأن الرئيس الكورى كيم جونج أون يعيش فى حالة عزلة عن العالم منذ سنوات طويلة، وكذلك الرئيس الروسى بوتين الذى لحق به فى هذا الطريق عندما أطلق عمليته العسكرية على أوكرانيا فى ٢٤ فبراير قبل الماضى.
ولا يصور حال الرئيسين إلا قصة الرجل الذى مرّ ذات يوم على غراب يصاحب عصفورًا، فاستغرب أن يجمعهما مكان واحد، ولكنه سرعان ما اكتشف أن الغراب يحجل على قدم واحدة وكذلك العصفور، ففهم السبب فى وقوفهما معًا وقال: جمعت بينهما المصيبة!.
وهذا تقريبًا هو ما جمع بين كيم وبوتين، فكلاهما يعيش مخنوقًا فى زاوية رغم أنفه، وكلاهما تخضع بلاده لعقوبات دولية غير مسبوقة، وكلاهما لا يغادر بلاده إلا مضطرًّا، وإذا غادرها ففى حالات الضرورة التى يكون الأمن هاجسها الأول والأخير.
والحكايات عن حياة الرئيس الكورى وتفاصيلها لا تنتهى، والغرابة هى القاسم الأعظم المشترك بينها، ومن حكاياته العجيبة أنه لما ذهب إلى لقاء مع ترامب فى ڤيتنام، فبراير ٢٠١٩، أخذ معه الحمّام الذى سيقضى فيه حاجته لأنه كان يخشى أن تقع مخلفاته فى أيدى الأعداء، فيتعرفوا منها على ما لا يريد هو أن يتعرفوا عليه!.
ولم نفهم من رحلته إلى روسيا ما إذا كان قد فعل الشىء نفسه مع الروس، وما إذا كان يراهم أصدقاء، وبالتالى لا خوف عليه منهم!.. ولكن الأغرب أنه أهدى بوتين بندقية وأهداه بوتين بندقية أيضًا، وقال ديمترى بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، إن البندقية التى حصل عليها كيم من أفضل ما تنتجه روسيا من البنادق.
وقد كان من الممكن أن تكون الهدية شيئاً آخر إلا أن تكون بندقية، ولكن اختيارها بالذات كان عن قصد، وقد وصلت «الرسالة» من وراء هذا الاختيار إلى الغرب الذى يناصبهما العداء، وجاء الرد حزمة من العقوبات المضافة التى فرضتها الولايات المتحدة على روسيا.
وإذا كان العالم فى حاجة إلى شىء هذه الأيام، فهذا الشىء هو غصن الزيتون رمزًا للسلام بديلًا عن البندقية، ولكن سوء حظ هذا العالم مضروب فى اثنين لأن الهدية فى لقاء الرئيسين الكورى والروسى كانت بندقيتين لا بندقية واحدة.