بقلم: سليمان جودة
لا يوجد شىء مادى يقول إن الولايات المتحدة الأمريكية كانت وراء إبعاد عمران خان عن منصب رئيس الحكومة في باكستان.
ولكن خان قال هذا وردده أكثر من مرة، وتداولته صحف ووسائل إعلام في داخل باكستان وخارجها، وإن كان هو نفسه قد راح يخفف من هذه النبرة مع مرور الوقت، عندما اكتشف أنها لن تخدمه في سعيه للعودة إلى رئاسة الحكومة.
وكانت بداية القصة في ٢٤ فبراير ٢٠٢٢ عندما أطلق الرئيس الروسى فلاديمير بوتين عمليته العسكرية على أوكرانيا.. ففى ذلك الوقت قامخان بزيارة إلى موسكو، وكان وقتها على رأس الحكومة، ولم تكن الزيارة مريحة للولايات المتحدة، ولا لأوروبا، ولا لحلفائهما.. ونظرت واشنطن إلى الزيارة على أنها إعلان من جانب خان، عن انحياز بلاده إلى الجانب الروسى في الحرب.
ومن بعدها مباشرة بدأت المتاعب السياسية تظهر في طريق خان، وبدأ يلاحظ أن وجوده على رأس الحكومة صار مهددًا، وهذا ما حدث بالفعل بعد الزيارة بفترة، رغم أنه كان يحكم بأغلبية برلمانية حققها حزب «إنصاف» الذي يرأسه!
وفى لحظة وجد نفسه خارج الحكومة، وجاء شهباز شريف في مكانه، ولكن خان لم يستسلم وبدأ يقاتل في سبيل العودة، وكان أنصاره الكثيرين يخرجون ويتظاهرون في كل مكان، ولكن ذلك كله لم يفلح في إعادته إلى حيث يريد.
ولم يكن مرور الوقت يزيده إلا تصميماً على العودة، وإلا إصراراً، على أن يعود رئيساً للحكومة في إسلام آباد من جديد، ولا تعرف كيف سيطرت عليه هذه الرغبة إلى هذا الحد؟.. فهو متحقق للغاية في حياته من قبل أن يصبح رئيساً للحكومة، وهو نجم شهير في رياضة الكريكيت على مستوى العالم، وهو صاحب بطولات دولية حازها في الكثير من المباريات.. ولكن الظاهر أن هذا كله شىء، وأن حكاية رئاسة الحكومة شىء آخر تماماً.
ومن أيام وجد نفسه مقبوضاً عليه من الشرطة في مدينة لاهور، ووجد نفسه مدعواً إلى تنفيذ حكم بالسجن ثلاثة سنوات بتهمة الكسب غيرالمشروع، وقد أخذوه إلى الحبس بالفعل، رغم أنهم قبضوا عليه من قبل مرات، وكانوا يطلقون سراحه في كل مرة.
وأعلن الرئيس الباكستانى حل البرلمان، بما يعنى أن انتخابات جديدة ستجرى، وبما يعنى أن رئيس حكومة جديداً سيأتى، وبما يعنى أن هذا كله سيحدث في غياب خان، الذي يبدو أنه يدفع ثمن شىء ما !.. فالواضح أن الغرب لم يتسامح معه في شأن الزيارة، رغم أنه قدم ذات مرة ما يشبه الاعتذار عنها!