بقلم: سليمان جودة
بدأت مخالفات سيارات الأوبر بسوء الخدمة، وانتهت بجرائم راحت ضحيتها فتاه لا ذنب لها فى شىء، وتكررت الجرائم حتى كادت أن يكون لها ضحايا آخرون.
وتساءل كثيرون عن الجهة المسؤولة عن ضبط الخدمة التى ساءت بشكل ملحوظ، ووصل الأمر فى البرلمان إلى حد المطالبة بوقف تقديم الخدمة نفسها.. فالشكاوى تتوالى كل يوم، ولا أحد يطمئن الناس بأن هناك نية لإحكام الرقابة على سيارات الأوبر، أو التشدد فى منح التطبيق الخاص بها لمن يستخدمه فى نقل المواطنين.. والحقيقة أن الجهة المسؤولة، أو التى يتعين أن تكون مسؤولة عن وقف هذا العبث، هى جهاز حماية المستهلك ولا جهة سواه.
المستهلك لا يحصل فى الأسواق على السلعة فقط، ولكنه يحصل أيضًا على الخدمة، ولا فرق بين السلعة وبين الخدمة بالنسبة له، ثم لا فرق أيضًا بين أن تكون الجهة التى تقدم الخدمة حكومية، أو خاصة، أو حتى أجنبية كما هو الحال مع أوبر.. ومن حق المستهلك أن يحصل على خدمة جيدة، فإذا ساءت كما ساءت خدمة الأوبر فى غالبيتها، فمن حقه أن يجد جهة يخاطبها ويلجأ إليها، ومن واجب هذه الجهة أن تسعفه، وأن تنتصر له، وأن تقف إلى جواره.
والذين استخدموا الأوبر هنا، ثم استخدموه فى الخارج، يعرفون أن تكرار المخالفات عندنا والسكوت عليها، جعل الفارق بين الخدمة هنا وفى الخارج كالمسافة بين السماء والأرض.
تطلب أنت سيارة أوبر فيستجيب لك التطبيق، ثم تفاجأ بأن السائق ألغى الرحلة بعدها بدقيقة أو دقيقتين، دون مقدمات ودون اعتذار، لا لشىء، إلا لأن الرحلة ليست على مزاجه، أو لأن الرحلة ليست مدفوعة بالكاش.. فإذا استجاب التطبيق وحضرت السيارة تكتشف أنها بلا تكييف فى عز الحر، وإذا سألته يرد بأن التكييف عطلان.. فإذا استجاب التطبيق، وحضر السائق، واشتغل التكييف، اكتشفت عند نهاية الرحلة أن السائق يماطل فى رد ما يتبقى لك من الأجرة، ولا يكون المبرر الجاهز إلا أنه لا يملك الفكة!.
شىء من هذا كله لا يمكن أن يحدث فى أى مكان فى الخارج، والذين هربوا من التاكسى الأبيض إلى الأوبر اكتشفوا أنهم كالمستجير من الرمضاء بالنار.
أعطوا جهاز حماية المستهلك الصلاحيات والإمكانات، واجعلوه سندًا للمستهلك فى مواجهة جشع بلا حدود واستغلال بلا سقف.. فمستهلك خدمة الأوبر مواطن لا يحصل على خدمة دفع ثمنها، وإذا حصل عليها فهى سيئة فى أغلب الأحوال، ولا يمكن أن يبقى بمفرده فى هذه المواجهة غير المتكافئة بينما ظهره إلى الحائط.