بقلم: سليمان جودة
أطلقت روسيا مركبة فضائية إلى القمر فى ١١ أغسطس، وقالت إن للمركبة مهمة محددة هى البحث عن المياه هناك.. المركبة اسمها «لونا ٢٥» ومن المتوقع أن تهبط على سطح القمر فى ٢١ من الشهر، وأن تبقى فى أداء مهمتها سنة كاملة.
وليس سرًا أن الروس كانوا أسبق من الأمريكيين فى غزو الفضاء، عندما طار يورى جاجارين إلى الفضاء عام ١٩٦١ ودار حول الأرض، فكان أول إنسان يطير ويدور، ولكن ذلك كان فى أيام الاتحاد السوفيتى، الذى لما سقط وانهار فى ١٩٩١، كانت روسيا إحدى جمهورياته فورثت عنه بعضًا مما كان له من قوة وسطوة.
انقسم الاتحاد بعد سقوطه إلى ١٥ جمهورية، ولكن روسيا كانت أقواها جميعًا، ولا تزال ترى فى نفسها الوريث الشرعى له، ولايزال الرئيس الروسى فلاديمير بوتين يتصرف فى عمليته العسكرية على أوكرانيا، وفى غيرها من المواقف والعمليات، وفى نفسه شىء من الاتحاد السوفيتى الذى كان المنافس الأقوى للولايات المتحدة فى زمانه.
وعندما انطلقت لونا ٢٥ فى مهمتها، لم تكن هذه هى المرة الأولى التى يرسل فيها الروس مركبات من هذه النوعية، ولكنها كانت المرة الأولى منذ انطلاق العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا ٢٤ فبراير قبل الماضى.
وربما لهذا السبب حظيت المركبة بدعاية إعلامية ملحوظة، ولا تفسير لذلك سوى أن موسكو تريد أن تبعث «رسالة» من وراء هذه الدعاية، وتريد أن تقول للولايات المتحدة، وأوربا وحلفائهما، إنها لاتزال قادرة على العمل فى الفضاء وفى غير الفضاء، رغم عقوبات واشنطن وحلفائها التى تأخذ بخناق روسيا من كل اتجاه.
من حق موسكو أن تبعث من الرسائل السياسية ما تشاء، ولكن السؤال هو عما إذا كانت لونا ٢٥ علامة على قوة حقيقية، أم أنها مجرد رمز من رموز يعيش عليها الروس، ويجدون فيها ما قد يسعفهم معنويًا أمام العالم؟.
إن تفوق الاتحاد السوفيتى على أمريكا فى الفضاء لم يمنع انهياره، ولم يقف حائلًا دون سقوطه، لا لشىء، إلا لأن القوة الحقيقية للدولة تقاس بأشياء، ليس فى المقدمة منها غزو الفضاء، ولا حتى الوصول إلى القمر.